الحاج طه مصطفى سكر رحمه الله وادخله فسيح جناته

... منقول ...

بقلم : محمد موسى مناصرة
المكان: مكتب الاستاذ عوني النتشة/ دائرة التعليم المستمر الكائن في عين سارة بمدينة خليل الرحمن.

الزمان: يوم الثلاثاء الموافق 6/ كانون ثاني2004، قبيل صلاة الظهر، عندما كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل في مدينة نابلس وقرية صيدا إلى الشرق الشمالي من طولكرم، وفيما كانت الآليات العسكرية تدمر المنازل في دير البلح وجنوب شرق رفح، وتجرف الأراضي الزراعية والأشجار وتدمر المنشآت في مخيم العروب والجنود الإسرائيليون ينفذون الأوامر العسكرية الأخيرة بمصادرة أراضٍ جديدة في قرية الهجرة جنوبي الخليل، في أتون هذه الوقائع الزمنية على الأرض قضى الشهيد طه مصطفى عبد العزيز سكر من وادي فوكين، ترجل فارس وادي فوكين في أوج المعركة الدائرة منذ أربع سنوات ونصف بينه وبين المستعمرين المستوطنين حول أرضه في خلة الفوار جنوبي واد فوكين.

وهكذا، قضى الحاج طه ( أبو مصطفى)، ترجل عن جواد العطاء والخير والكلمة الطيبة الموحدة لأهله وناسه وبلده.
لم يكن الأستاذ عوني النتشة موجوداً في مكتبه لحظة وصول الحاج طه مصطفى بهدف ترجمة تقرير الخبرة اللازم لجلسة الاعتراض على مصادرة الأرض من اللغة العربية إلى العبرية، والمتضمن حدود الأرض ومساحتها ومجاوريها مرفقاً بكوشان الطابو والأوراق الثبوتية الأخرى، فاستأذن الأستاذ وائل زلوم في المكتب المجاور كي يريح جسمه المتعب إلى حين قدوم جاره.
المضيف زلوم: تفضل يا حاج المكتب مكتبك!.
الحاج طه: لا تؤاخذني يا ابني، اشعر بالتعب وصدري يضيق على قلبي وتنفسي.
لاحظ المضيف التعب الذي بدا على وجه وجسد الضيف، تقدم نحوه يسأله رأيه في اصطحابه إلى طبيب أو للمستشفى.
الضيف: لا داعي لذلك، قضينا العمر على هذا الحال، لحظات إن شاء الله وسأكون بخير!‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.
لكن المضيف تابع بنظراته الضيف الذي وضع يده على صدره، وصار ينظر بعيون حادة وثاقبة نحو المضيف كمن يريد الحديث معه، تقدم المضيف نحو الحاج طه وأمسك بيده واضعاً اليد الأخرى على كتفه محاولاً إسناده على المقعد، أتضح له أن الضيف يريد الكلام، ولكن الكلام توقف، عيناه فقط كانت تصر على الكلام، خانته قوته وعجز لسانه عن النطق، ( الكلام هنا للمضيف) شدّ الضيف المتعب يده بقوة على يدي، قوة غير القوة، وعيناه تتركزان في وجهي، يحاول الكلام، جسده يزداد توتراً محاولاً الالتصاق بي، وفقط، رأيت دموعه تسقط على يدي اليسرى عند محاولة الكلام، فأحسست بكل دمعة كما لو كانت مجرى لنهر أو مادة مكتوبة في موسوعة!.
ثوان معدودة، في الساعة الحادية عشرة والنصف، ترجل الفارس أبو مصطفى...... وقضى!
فما الذي كنت تود قوله يا أبو مصطفى؟.
ما الذي حملته دمعاتك الأخيرة من رسائل؟
أي وجع اندلق يدمي عقلك وقلبك في لحظاتك الأخيرة وأنت الذي لم تنتصر عليك الأيام ولا السنين ولا الأهوال، وكنت شاهد عيان على مرحلة طالت وتبدلت خلالها الأجيال.
صحيح بأنك أنقذت حياتي من موت محقق ذات يوم، ورعيتني بالمحبة والاهتمام إذ سجلت في ذهني ووجداني وذاكرتي تفاصيل ولادتي وهدم بيتي وهجرة أهلي وتشردهم والمعارك التي كنتم في أتونها خير الجنود، أنت وصحبك يوسف عطا ذاكرة القرية وبطلها أو صحبك الشهداء سعدي عطا وعبد العزيز الحروب وإبراهيم عساف وإسماعيل مصطفى سكر وغيرهم، ولكن:
أيستطيع مثلي وهل بمقدوري فعلاً، وبرغم معايشتي لك خلال الأشهر الأخيرة مستمعاً ومنصتاً لاتجاهاتك وأنت تصوغ خطة الدفاع الأخيرة عن الأرض، أن أقرأ الكلمات ومعانيها الواردة في دمعتك؟.
أشك في أني قادر على إدراك التفاصيل وفهم الأبعاد والدلالات والعبر المتضمنة في دمعتك الأخيرة!.
أكنت تقول للمضيف إقرأ؟
وهل كان في أمر الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم بأن يقرأ سوى الأمر بإبلاغ الناس نبأ الدين السماوي الجديد وإطلاعهم عليه؟
فما الذي كنت تود إطلاعنا عليه وتعميمه للناس؟.
أنقرأ للشعب وصيتك بمواصلة الكفاح لحماية الأرض من مصادرتها؟.
أنقرأ للشعب سيرة حياتك الحافلة بالوجع والبطولة وحب الوطن وعمل الخير والكلمة الموحدة فيما يتشبث الكثيرون ممن هم من جيلك بمباهج الحياة وزيفها!.
أنقرأ للذاكرة الفلسطينية تفاصيل البسالة في الدفاع عن القرية في ( ظهر الحجة) و ( حبايل مفرح) جوار( كرم الشيخ) أم تلك الصدامات التي استمرت لخمسة أعوام مع قوات الاحتلال حول " جدر البلد".
منذ أربع سنوات ونصف وأنت تصارع للحفاظ على أرضك وأرض اهلك، وحيداً دون يأس، كنت قوة المثال وصورة عن الفلسطيني الذي لا تصله الفضائيات ولا حتى محطات التلفاز المحلية، بصمت وإصرار واصلت دربك!.
أذكر يا أبو مصطفى يوم الخامس من تشرين الثاني عام 1998 وأنت تحارب ضدهم، حين قدم المستوطنون المستعمرون للأرض يحاولون منعك من إعمارها، وقالوا لك :" إذا مش عاجبك روح اشتكي علينا" ولم تأبه بهم.
أذكر يوم الرابع من آب عام 2004 حين أحضر المستوطنون مرتزقة من العمال الأجانب من شرق آسيا وأوروبا الشرقية وبحراسة جنود الاحتلال كي يدمروا أرضك ويقتلعوا شجرك الذي رويته بحبات العرق ومحبة الأرض والولاء لها، وحملوا الأشجار والمزروعات في آلياتهم وأنت تصرخ في وجوههم!
وكيف يا أبو مصطفى أي إحساس بالقهر ومشاعر الظلم التي التحفت بها حين كنت تعود من كل جلسة أمام لجنة الاعتراضات العسكرية في بيت إيل ‍.
كيف أنسى صمودك في المعارك الأخيرة وهم يساومونك ويحاولون ابتزازك عندما قدموا لك عرضاً بأن يتركوا لك أرضك مقابل أن تتخلى عن الدفاع عن أراضي الآخرين، ورفضت العرض وبقيت متمسكاً بأرضك وأرض أهلك.
ما الذي علي قراءته للشعب أيها الفارس الذي ترجل؟
إني أغبطك، أحسدك أنت وجيلك، من أين لكم بهذه المثابرة والصبر؟.
كنت وحدك، ويلفني الخجل كأي فلسطيني، لأني لم أستطيع الوقوف معك كما يجب، انشغلت كغيري بأخبار الفساد الإداري في أجهزة وإدارات السلطة والمؤسسات الأهلية ومتابعة أخبار جنرالات الكلام وجنرالات المال على الفضائيات العربية كغيري من أبناء الشعب، بينما كنت وكثيرون أمثالك بصمت تدافعون عن شرف القضية، وحيدون في معارك الدفاع عن الأرض والهوية.
سامحني أيها الفارس الباقي في الذاكرة لأني لم أستطيع حتى الوقوف معك كما يجب في تغطية تكاليف الدفاع عن الأرض، وجلّ ما تدبرته بجهودك لم يزد عن خمسة آلاف دولار بينما بذلت حتى اللحظة في الدفاع عن أرضك على حساب قوت أبنائك، وبمعرفتي ما يزيد عن 150 ألف شيكل دون أن تبقي شيء ورائك أو أمامك لقادم الأيام.
لا تؤاخذني أيها الفارس الراحل الباقي، لأننا لم نستطع اقتطاع أية أموال من تلك المكرسة لموائد الكبار وأجور إقامتهم في الفنادق وأثمان المشروبات الروحية اللازمة لمقاماتهم، فمتطلبات الرفاهية خاصتهم أهم عندهم من الأرض ومنك، وأكثر أهمية من عذابك.
وداعاً يا حاج طه، وداعا دون خوف من فراق، فأنت الساكن فينا وفي ذاكرتنا، ويعزينا فيك أنك بنيت أسرة متحابة على حب الأرض والناس، سيحمل أفرادها الراية من بعدك، فاطمئن... لقد فهم الجميع من أبناء قريتك ما جاء في بلاغك الأخير، دمعتك!

المرحوم كان علما من اعلام فلسطين وارض فلسطين تشهد له بذلك وهوشهيد الدفاع عن الارض والعرض من دنس العدو الغاصب لارضنا وقرية وادي فوكين تشهد له بذلك

ميمو شكرا جزيل الشكر الك ولكل من ساهم في نشر هذا الكلام على صفحات الانترنت
رحمك الله يا جدي
الحاج طه مصطفى المناصرة

[img] الحاج طه مصطفى سكر رحمه الله وادخله فسيح جناته 20091017005

الحاج طه مصطفى سكر رحمه الله وادخله فسيح جناته 20091017005

[/img]

مديرنا ممكن تثبت هذا الموضوع ؟

انا سمعت عن شخص اسمو الحاج طه المناصرة من وادي فوكين
الله يرحمو

شكرا ميمو

هاد سيدي طه
الله يرحمه
شكرا كتير

هذا سيدي الحاج طه مصطفى المناصرة
رحمه الله والله يدخله فسيح جناته

شكرا ميمو الكنج

ثوان معدودة، في الساعة الحادية عشرة والنصف، ترجل الفارس أبو مصطفى...... وقضى!
كان حين رحيله يوم لا ينساه اهل القرية
بل انه يوم يبقى في القلوب يوم حزن شديد لجميع اهل القرية ... كباراً وصغاراً
الحاج طه لم يرحل
من قال انه رحل ... لا ... لا ...لا ... لا ... انه رحل جسدا فقط
الحاج طه لم يرحل من عقولنا وقلوبنا ... وسيبقى مدى حياتنا في قلوبنا
لم يرحل ... لم يرحل ... لم يرحل
حاج طه رحمك الله
اللهم ادخله فسيح جناتك

يسلمو اديك ميمو

» مفردات فلسطينية / الأستاذ الشاعر المربي صالح عمر فروانه رحمه الله
» الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد القائد العام لثورة 1936
» عمرو مصطفى برتاح معاك
» عمرو مصطفى لمستك نسيت الحياة
» رمووووووز الله اكبر