منتدى الوادي الاخضر الفلسطيني
على هذه الارض ما يستحق الحياة ------ فلسطين ارض وقف ليست للبيع او المساومة ومهما وقع من اتفاقيات ستاتي اللحظة التي تتمزق بها على يد اطفال فلسطين وسيندحر العدو الغاصب شر اندحار
اهلا وسهلا بكل زائر وعضومسجل في هذا المنتدى فان كنت زائرا فبادر للتسجل معنا واتحفنا برئيك وان كنت عضوا ادخل وارفع من مستوى منتداك
منتدى الوادي الاخضر الفلسطيني
على هذه الارض ما يستحق الحياة ------ فلسطين ارض وقف ليست للبيع او المساومة ومهما وقع من اتفاقيات ستاتي اللحظة التي تتمزق بها على يد اطفال فلسطين وسيندحر العدو الغاصب شر اندحار
اهلا وسهلا بكل زائر وعضومسجل في هذا المنتدى فان كنت زائرا فبادر للتسجل معنا واتحفنا برئيك وان كنت عضوا ادخل وارفع من مستوى منتداك
منتدى الوادي الاخضر الفلسطيني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الوادي الاخضر الفلسطيني

سياسي - ثقافي - تراثي - يهتم بالشان الفلسطيني
 
الرئيسيةالاستفتاءأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دور المرأة الفلسطينية في النضال

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
فلسطيني حتى النخاع
المدير العام
المدير العام
فلسطيني حتى النخاع


عدد المساهمات : 455
نقاط : 26494
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 09/06/2010

دور المرأة الفلسطينية  في النضال Empty
مُساهمةموضوع: دور المرأة الفلسطينية في النضال   دور المرأة الفلسطينية  في النضال I_icon_minitimeالإثنين 29 نوفمبر 2010 - 15:37

نضال المرأة الفلسطينية

مدخل نظري
أي محاولة لدراسة، فهم وتحليل قضية المرأة الفلسطينية او الحركة النسوية الفلسطينية خارج السياق العام لحركة التحرر الوطني، او الحديث عن مسيرة حركة التحرر الوطني دون التوقف بشكل جدي عند الدور الجذري والنوعي الذي قامت به المرأة الفلسطينية وما زالت عبر مراحل حركة التحرر الوطني المختلفة، هي محاولة لفهم نصف الحقيقة فقط وبالتالي فإنها ترسم صورة غير كاملة ومشوهة لطبيعة العلاقة الجدلية بين عوامل القمع الوطني والاجتماعي والطبقي المتداخلة. من العبث محاولة الفصل التعسفي بين النضال القومي الوطني من جهة وبين النضال الاجتماعي النسوي من جهة اخرى عندما نتحدث عن حيثيات حركات التحرر الوطني لدى الشعوب الواقعة تحت الاستعمار الخارجي (ِAbdo, 1991).
وبقدر ما هو من غير المنطقي في هذه الحالة ان نتطرق لقمع المرأة الاجتماعي خارج سياق قمعها القومي والطبقي بصفتها تنتمي لشعب هو كله فريسة للإستعمار، فإنه ايضاً من السذاجة المطلقة ان نعتبر بأن نصر حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار هو بشكل مباشر نصر للمرأة وقضيتها. إن تداخل وتشابك عوامل القمع القومي والطبقي والاجتماعي بصورة جدلية وبنيوية في بعضها البعض يظهر بشكل واضح في حالة المرأة الفلسطينية بشكل عام والمرأة المنتمية للطبقات المسحوقة بشكل خاص. من هنا تنبع اهمية فهم العلاقة بين كافة اشكال القمع المذكورة والتفاعل الجدلي بينها عند الحديث عن قضية المرأة الفلسطينية.
رغم ذلك فقد اتخذت مدارس النسوية الليبرالية وحركات حقوق المرأة في المجتمعات الغربية موقفا نقديا متشددا من العامل الوطني او القومي بأعتباره يقمع المرأة ويضطهدها في سبيل الحفاظ على الهوية القومية والتي تشكل احد العوامل البنيوية في المجتمع الباطرياركي عموماً (Hasso, 1998). لا بأس، ولكن اذا قمنا بتحليل هذا الموقف في سياقه الطبقي الاجتماعي العام فيتبين لدينا بأن مدرسة النسوية الليبرالية الغربية انما تعبّر عن هموم وقضايا نساء الطبقة الوسطى، ومن العنصر الابيض في المجتمع الغربي تحديداً، وبالتالي لا الاضطهاد الطبقي ولا الاضطهاد العنصري ولا مقاومة الاستعمار تدخل في المعادلة اضافة الى اضطهاد المرأة بناءاً على عامل النوع (Gender).
وليس من الغريب ان يتمحور خطاب النسوية الليبرالية الغربية، الذي قادتة نساء الطبقة الوسطى في المجتمع الغربي الابيض، حول القمع الجنسوي للمرأة لوحده دون الربط بينة وبين عوامل القمع الاخرى كالعنصر والطبقة والقومية، وهي العوامل التي تموضع هؤلاء النساء في حالة تفوق مقارنة بباقي نساء العالم. بكلمات اخرى، وضع قضايا المرأة في كافة انحاء العالم في بوتقة واحدة بحكم القمع الاجتماعي المشترك بين كل النساء يهمش اغلب نساء العالم التي يزداد قمعهن الاجتماعي تعقيداً بسبب تداخل عوامل الاضطهاد الاخرى. وهكذا فأن تجربة النساء السود في الغرب، وفي الولايات المتحدة الامريكية بالذات، والنساء الفقيرات وكثيراً من نساء العالم الثالث تطرح مفهوم اوسع واشمل للنسوية يرفع شعار القضاء على كل اشكال القمع وتمفصلاته في حياة المرأة بدل الاكتفاء بتحريرها من مصدر واحد فقط من مصادر قمعها المتعددة.
تجادل جياواردينا في مقدمة كتابها حول مفهوم النسوية والقومية لدى نساء العالم الثالث التي تقاوم شعوبها الاستعمار الغربي، بأن برامج واطروحات الحركات النسوية في هذه المجتمعات هي اساساً جزء عضوي من عملية التحرر الوطني التي تخوضها شعوبها. وعلية فإن مدارس النسوية وتحرر المرأة في هذه المجتمعات هي انتاج محلي اصلاني منبثق من رحم وجذور الواقع المركب الذي تعيشه نساء شعوب العالم الثالث المستعمَرة وليس فكرة غربية مستوردة حديثاً من تجربة نساء المجتمات الغربية (Jayawardena, 1986). بهذا المفهوم فإن الحركة النسوية الفلسطينية قد ولدت في رحم حركة التحرر الوطني فتأثرت منها وأثرت بها وتفاعلت بشكل جدلي مع اسقاطاتها وتحولاتها الايجابة والسلبية على تحرر المرأة الفلسطينية وقضيتها.
تتناول هذه المقالة جذور الحركة النسوية الفلسطينية وتداخل سيرورة تطورها مع مراحل حركة التحرر الوطني المختلفة منذ بداية المقاومة ضد الاستعمار البريطاني والغزو الصهيوني في عشرينات القرن الماضي، مروراً بمشاركة المرأة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، الى النقلة النوعية في نضال المرأة الفلسطينية خلال الانتفاضة الاولى وانعكاس ذلك على نشاط المرأة الفلسطينية في مناطق 1948 وتفاعلاتها مع باقي حلقات العمل النسوي الفلسطيني، ومن ثم التحول في اعقاب فشل مشروع اوسلو وانفجار الانتفاضة الحالية.
عودة للجذور
منذ بوادر المقاومة الفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني والغزو الصهيوني في عشرينات القرن الماضي، فإن مشاركة المرأة الفلسطينية في الحيّز الجماهيري العام، اي خارج البيت، كانت لا بد ان تنطلق من مشاركتها في النضال الوطني حيث اصبحت قضيتها الاجتماعية حلقة عضوية من حلقات حركة التحرر الوطني بشكل عام. فمنذ البداية واجهت المرأة الفلسطينية المناضلة مسألة تقديم القضية الوطنية على سواها من القضايا الاجتماعية بما فيها تحرير المرأة من القمع الذكوري في مجتمعها. ففي حين ذهبت بعض التفسيرات الى وضع اللوم على البنية التقليدية للمجتمع العربي الفلسطيني انذاك (Kuttab, 1993)، فهذا لن يفسر عدم قدرة قيادة الثورة الفلسطينية على فهم ابعاد التشابك بين عناصر القمع المختلفة. فمثلاً، بينما اهتمت نشاطات المرأة العربية في بعض اقطار الوطن العربي مثل تونس ومصر بقضاياها الاجتماعية كحق الاقتراع ومنع تعدد الزوجات ... الخ، فإن المرأة الفلسطينية انذاك تظاهرت ضد وعد بلفور والهجرة اليهودية لفلسطين (Hiltermann, 1991).
وليس غريباً ان تنحدر قيادة تنظيمات النساء الفلسطينيات في تلك الفترة من الطبقة البرجوازية التي شكل ذكورها (اي ذكور الطبقة) القيادة التقليدية للشعب الفلسطيني في زمن الانتداب. وهكذا فإن معظم النشاطات الاجتماعية لهذه التنظيمات النسائية اخذت طابع الاعمال الخيرية والمساعدات الانسانية والتي عكست طابع البنية الطبقية للمجتمع الفلسطيني انذاك، حيث هيمن عليها مفهوم "الغني يساعد الفقير" دون ازعاج لا النظام الطبقي القائم ولا البنية الابوية التقليدية. مع هذا، فإن العائلة الفلسطينية كوحدة اقتصادية تعتاش من زراعة الارض، وبرغم التسلط الابوي الباطرياركي في هذه العائلة، فقد وفرّت للمرأة الفلسطينية إمكانية المساهمة في الانتاج الاقتصادي مما ساهم نوعاً ما في الحفاظ على مكانتها الاجتماعية.
لقد شكلت نكبة فلسطين عام 1948 ضربة مؤلمة للبنية التحتية للمجتمع الفلسطيني مما ادى الى شل وتفكيك معظم المؤسسات الاقتصادية الاجتماعية بما فيها العائلة الفلسطينية كوحدة اقتصادية تعتمد في معيشتها على الارض بالأساس. وبلا شك فكان لذلك تأثير مباشر على دور ومكانة المرأة الفلسطينية التي خسرت دورها الانتاجي واصبحت مهمتها الجديدة مجرد الحفاظ على البقاء في المهجر. والحقيقة ان تشريد الشعب الفلسطيني عام 1948 لم يغير كثيراً من الفروق الطبقية داخل قطاع المشردين من المجتمع الفلسطيني نفسة حيث تم استيعاب الفقراء والفلاحين في مخيمات اللاجئين في حين استقر الاثرياء في المدن العربية في دول الطوق ومن ثم الى الخليج العربي او الغرب. وهكذا فإن عمل اللجان والجمعيات الخيرية النسائية التي عملت بمفهوم "الغني يساعد الفقير" قبل النكبة، قد توسع الأن ليشمل نساء المخيم مما ساهم في تصاعد المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية من الطبقات الشعبية الفقيرة (Peteet, 1991). وكان من الطبيعي ان تتكاثر اللجان الشعبية والجمعيات الخيرية بقيادة المرأة الفلسطينية في المخيمات لتلبي الحاجات المجتمعية الاساسية، في حين انخرط الذكور في العمل الفدائي المسلح.
منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية فإن تمثيل المرأة في المجلس الوطني الفلسطيني يأتي عبر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وبموجب تركيبة المجلس الوطني المبنية اساساً على مفهوم الكوتات والحصص فإن نسبة تمثيل المرأة فيه كانت دائماً محددة مسبقاً. إن تمثيل المرأة في المجلس الوطني بهذه الصورة الشكلية لا يعني مشاركتها في الهيئات القيادية للمنظمة وبالتالي فأن مسرح اتخاذ القرارات المصيرية سواءاً بالنسبة للقضية الوطنية برمتها او بالنسبة للقضايا الاجتماعية بما فيها قضايا حقوق المرأة في المجتمع الفلسطيني، فيبقى مسرحاً مفتوحاً للمنافسة حول القيادة بين ذكور الثورة فقط. اضف الى ذلك، فكون نساء المجلس هن قبل كل شئ عضوات في تنظيمات وفصائل م.ت.ف المختلفة، فكثيراً ما تتحدد علاقة العمل بينهن بموجب انتمائاتهن الحزبية المختلفة اكثر من العامل المشترك الذي يجمعهن كنساء فلسطينيات في ثورة يقودها الرجال.
ولا عجب ان المنطق الذي بموجبه يهيمن اليمين الفلسطيني على توجية سياسة م.ت.ف، وانعدام الديمقراطية هو نفس المنطق الذي يتم بموجبه تهميش قضية المرأة الفلسطينية لكسب رضى الشرائح التقليدية في المجتمع الفلسطيني. ففي محاولتها لتبرير موقف القيادة الفلسطينية تجاه قضية المرأة، تقول أمل قعوار: "يعود عدم تمكن القيادة الفلسطينية من صياغة برنامج عمل سياسي يشمل قضية المرأة الى الامتناع عن إثارة المبنى الاجتماعي ببرنامج راديكالي قد يؤدي الى التشرذم وبالتالي إستنزاف امكانيات المنظمة السياسية والاقتصادية المحدودة" (Kawar, 1993, p.57). والحقيقة التي تتجاهلها قعوار هي ان قضية المرأة الفلسطينية وموقف الثورة (الذكورية) منها كانت دائماً عُرضة للمساومة بين القيادة اليمينية المتنفذة وبين البنية الابوية التقليدية في المجتمع الفلسطيني.
منعطف الانتفاضة
ما لم يتوقعه قادة المؤسسة العسكرية الصهيونية لدى احتلالهم الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وبعكس ما حصل من تطهير عرقي لأهل البلاد الاصليين خلال الاحتلال الاول، هو ان يبقى الفلسطينيين هذه المرة متشبثين بأرض وطنهم رغم الاحتلال. وهكذا فتعود جذور إنفجار الانتفاضة الاولى عام 1987 الى عقدين من المصادرة والنهب والاستغلال الاقتصادي والاستيطان والقمع العسكري المتواصل للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. هذا بالاضافة الى ضرب العمل الفلسطيني المسلح في لبنان حيث كانت احدى نتائجه توجيه بوصلة الثورة الفلسطينية الى الداخل، وهي النتيجة التي لم تكن في حسابات الكيان الصهيوني انذاك. وبما ان الانتفاضة بتعريفها العام هي عمل جماهيري مقاوم شامل تشارك فية كافة القطاعات الشعبية ليتحول الى نمط حياة يومي يكون اساسه رفض واقع الاحتلال والعمل على تأسيس واقع سياسي اجتماعي بديل، فلا بد من الدور المركزي المناط بالتنظيمات واللجان الشعبية التي اقيمت اساساً لسد بعض حاجات الناس تحت الاحتلال. وهكذا فقد شكلت الانتفاضة الشعبية منعطفا هاما في نوعية ومضمون مشاركة المرأة الفلسطينية في العمل الوطني وذلك من خلال العديد من التنظيمات والاطر النسوية الجماهيرية التي انتشرت في الضفة الغربية وقطاع غزة على مدار عدة سنوات قبل اندلاع الانتفاضة.
لقد سيطر نمط عمل الجمعيات الخيرية وتقديم الخدمات الانسانية والجماهيرية على طابع العمل النسوي في الضفة الغربية خلال فترة الحكم الاردني وعلى مدار السنوات الاولى من الاحتلال الصهيوني، في حين تغيب العامل السياسي الاجتماعي من برامج هذه الجمعيات. وبطبيعة الحال فقد انحدرت قيادة هذه الجمعيات من نساء الطبقة الوسطى ومن النساء المتقدمات في السن بالذات. ومن الطبيعي ان يكون لغياب العامل الشبابي من قيادة هذه الجمعيات انعكاس مباشر على برامجها وتوجهاتها السياسية الاجتماعية بخصوص قضية المرأة بالاضافة الى الاعمال الخيرية التي تقوم بها. تقول سميرة حاج عن هذا الجيل من القياديات: "دخول النساء النشيطات المتقدمات في السن الى النضال السياسي يأتي كإستمرارية طبيعية الى مركزهن الاجتماعي المرموق الذي يتحقق عادةً بحكم الجيل وكذلك كونهن أمهات انجبن ابناء ذكور في العائلة الموسعة. وكونهن جزء من مبنى القوة الاجتماعية، فإن دخول هؤلاء النساء العمل السياسي لا يعني بالضرورة تحديهن البنية الابوية السائدة في المجتمع وعلاقة عدم المساواة بين الجنسين. بكلمات اخرى، لهن مصلحة في الحفاظ على العلاقات الباطرياركية في المجتمع" (Haj, 1992, p.775).
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نلاحظ بأن مؤسسات نسوية مثل "جمعية انعاش الاسرة" التي اقيمت في البيرة عام 1965، وبرغم اهمية الخدمات الاقتصادية والاجتماعية التي تقدمها للمرأة الفلسطينية، فأنها بالاساس مؤسسة "مدنية" تديرها نساء المدينة حيث تنحصر علاقتها مع نساء الطبقات الشعبية في الريف والمخيم في كونهن يتلقين المساعدات فقط دون إشراكهن كعضوات كاملات العضوية في المؤسسة (Sayigh, 1989). وبحكم الجيل والخلفية الطبقية لقيادة مؤسسات مثل "جمعية انعاش الاسرة" فليس من المفاجئ ان تكون مواقف هذه القيادات تقليدية ومحافظة بخصوص حرية المرأة الفلسطينية، حيث تقول رئيسة الجمعية السيدة أم خليل: "عندما يرتفع الدخل المادي للفتاة الفلسطينية فهي تبدا بفرض الشروط على عائلتها. نحن لا نشجع هذه الروح في فتياتنا. أن تفتح الباب بشكل واسع فهذا يؤدي الى ردود فعل سلبية" (Hiltermann, 1991, p.130). وهكذا فنجد بأن الجمعيات الخيرية وبرامجها "الخدماتية"، والتي تغيّب الدور السياسي للمرأة، قد شكلت المؤسسات النسوية الوحيدة العاملة في الضفة الغربية حتى أواخر السبعينات.
وقد ادى ظهور جيل جديد من النساء الفلسطينيات، من الطلبة وخريجات الجامعات، مسلحات بوعيهن السياسي الاجتماعي الى ادراك ابعاد واهمية الارتقاء بنشاط المرأة الفلسطينية الى العمل السياسي الشعبي حيث تتم مشاركة نساء الطبقات الشعبية بشكل فعّال بدل من الاكتفاء بصيغة العمل "الخدماتي" ومنطق "الغني يساعد الفقير". وبإعتبار منظمة التحرير الفلسطينية تشكل المرجعية الفكرية والتنظيمية لأي عمل او تنظيم سياسي بين كافة قطاعات الشعب الفلسطيني في الوطن والمهجر، فقد تشكلت في اواخر السبعينات اربع لجان عمل نسوي في الضفة الغربية والقطاع يمكن اعتبارها فكرياً وسياسياً الجناح النسوي لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. ومع هذا فقد شكلت هذه الاطر النسوية الجديدة نقلة نوعية هامة في عمل المرأة الفلسطينية السياسي مقارنة بالجمعيات الخيرية التي سبقتها زمنياً. فقد ضمت هذه اللجان بين صفوفها نساء من كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، ورفعت شعارات سياسية اجتماعية تقدمية، تجمع بشكل تدريجي متصاعد بين تفعيل دور المرأة السياسي من خلال مشاريع تقوية جماهيرية وإثارة قضية حقوق المرأة وتحررها الاجتماعي. ففي حين ميّز بين لجان العمل النسوي المختلفة البرنامج السياسي لتنظيمها الأم من بين فصائل المنظمة، فقد بدت جميعها ملتزمة بالعمل المشترك على قضايا تحرير المرأة حيث تم تشكيل لجنة تنسيق بين الاطر الاربعة عام 1984 لمواجهة ممارسات الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية بشكل خاص.
وبطبيعة الحال، فإن تحفظات الجمعيات الخيرية القديمة من لجان العمل النسوي الجديدة يعود الى عدة عوامل من اهمها ليس فقط وصول الاطر الجديدة الى المرأة في الريف وتجنيدها للعمل السياسي الشعبي مما ادى حتماً الى تخطي الحدود الطبقية التي تحكمت في نمط عمل الجمعيات، ولكن كون التنظيمات الجديدة رفعت شعارات تنادي بالتغيير الاجتماعي فيما يخص حقوق ومساواة المرأة. تقول واحدة من مؤسسات لجان العمل النسوي الجديدة: "لقد قمنا بتشكيل اللجان النسوية لأن الجمعيات القديمة لم تهتم بالمرأة العاملة. لقد قدمت هذه الجمعيات المساعدات المادية والخدمات دون تشكيل مشاريع تنمية ولا العمل على رفع مستوى الوعي. نحن نصل الى كافة النساء ونعمل على اشراكهن في الفعاليات الاجتماعية السياسية. لهذا فإن الجمعيات القديمة ابدت تحفظات تجاهنا بصفتنا أطر نسوية جديدة" (481Sayigh, 1989, p.). لقد شملت فعاليات ونشاطات لجان العمل النسوي، علاوة على حضانات الاطفال ودورات محو الامية، تنظيم تعاونيات اقتصادية شعبية وحلقات تثقيف ساهمت ليس فقط في تعزيز الدور الانتاجي للمرأة بل ايضاً في نشر الوعي القومي والاجتماعي في ان واحد.
في حين تتكاثر التحاليل حول الانفجار العفوي للإنتفاضة الشعبية الاولى عام 1987، فما من شك بأن بذورها واسباب اندلاعها كانت تتنامى يومياً على مدار عقدين من الممارسات القمعية للإحتلال. وهكذا فان الاطر والتنظيمات الشعبية كالنقابات العمالية والمهنية والطلابية ولجان المرأة التي تجذرت بين الطبقات الشعبية في الضفة الغربية والقطاع، تحت وطأت القمع اليومي للإحتلال، قد شكلت حجر الزاوية في التقاط الشرارة الاولى للإنتفاضة والمساهمة في تنظيمها وتصعيدها ومن ثم تحويلها الى تمرد جماهيري شامل يرتكز، بالاضافة الى المظاهرات والاحتجاجات والاشتباكات مع جنود الاحتلال، يرتكز على بناء اشكال بديلة من الاقتصاد والتعليم الشعبيين والمؤسسات الشعبية البديلة لمؤسسات الاحتلال. من هنا تنبع اهمية لجان العمل النسوي والمشاريع التنموية والتعليمية العديدة التي كانت قد بادرت بإنشائها قبل اندلاع الانتفاضة بحوالي عشرة اعوام. فبالاضافة الى مشاركة المرأة الفلسطينية في مجمل الاعمال الانتفاضية، كون الانتفاضة بطبيعتها (وبعكس العمل المسلح) تتطلب مشاركة كافة القطاعات الشعبية، فقد قامت لجان العمل النسوي بدور مركزي لا يمكن اغفال اهميته النوعية. اذن دخلت المرأة الفلسطينية هذه الانعطافة الحادة من مسار حركة التحرر الوطني اكثر وعياً وتنظيماً ومركزية مما شكل ارضية سليمة لإثارة العلاقة الجدلية المتداخلة بين التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي دون تقديم اهمية احدهم على الاخر.
لقد كان من الطبيعي ان يؤدي زخم المشاركة البارزة والشاملة للمرأة الفلسطينية في الانتفاضة الى التقاطها اهمية المرحلة الجديدة، حيث بادرت التنظيمات النسوية المختلفة الى صياغة وطرح مواقفها الواضحة بأن الانتفاضة هي ليس فقط تمرد شعبي ضد الاحتلال بل ايضاً ضد كل اشكال القمع بما فيها قمع المرأة الفلسطينية على يد مجتمعها. وهكذا فقد انبثق المشروع الوطني ـ النسوي الذي تنادي به المرأة الفلسطينية من رحم تجربتها الميدانية في ديمومة الانتفاضة وليس كفكرة مستوردة من الخارج. فقد تكاثرت الدراسات والابحاث الاكاديمية حول الدور الجديد للمرأة الفلسطينية، حيث كان لأكاديميات نسويات فلسطينيات دور محوري في هذه الابحاث. وبلا شك فكان لتجربة المرأة الجزائرية في الثورة ضد الاستعمار الفرنسي حضور متواصل في خطاب المرأة الفلسطينية خلال الانتفاضة، حيث حاربت أختها الجزائرية جنباً لجنب مع رفيقها الرجل وما ان رحل الاستعمار الفرنسي حتى أعيدت الى دورها التقليدي. فالدرس الذي تعلمته المرأة الفلسطينية من أختها الجزائرية يتلخص في العمل المتزامن ضد كافة اشكال القمع. تقول احدى نشيطات الانتفاضة: "النضال من اجل حقوقنا كعمال وكنساء يجب ان يبدأ من الان وإلاّ سينتهي بنا المطاف الى دولة برجوازية اخرى ونظام يقمع المرأة والعمال. يجب ان نعمل على جميع هذه القضايا في نفس الوقت". وتقول نشيطة اخرى بنفس الصدد: "اذا شاركت المرأة الأن في النضال الوطني فقط فأنها ستبدأ من نقطة الصفر بعد التحرير" (Hiltermann, 1991, p. 165).
وكان لهذا التحول في مسار الحركة النسوية الفلسطينية، والذي انطلق من ميدان الانتفاضة، اثر فكري وعملي مباشر على نشاط المرأة الفلسطينية في مناطق 1948. وبطبيعة الحال فنشاط المرأة الفلسطينية في الداخل ايضاً اخذ طابع تشكيل لجان عمل نسوية تابعة سياساً وتنظيمياً للأحزاب والحركات السياسية العاملة هناك. وفي غالب الاحيان، وبحكم اسلوب العمل الذكوري الهرمي لهذه الاحزاب، فأن مشاركة المرأة السياسية كانت غالباً ما تكون رمزية فقط. مثلاً تحديد حصة او كوتة معينة للمرأة في هيئات الحزب، وتزيين القائمة الانتخابية (المحلية والبرلمانية) بأسماء مرشحات نساء في اخر القائمة، وتضمين البرنامج السياسي بند يقول "نحن نطالب بحقوق المرأة"، كل هذا في حين تكون القيادة والقضايا السياسية الاجتماعية الحاسمة من نصيب ذكور الحزب، يدل على محدودية التعامل مع قضية المرأة الفلسطينية بشكل جدي وجوهري.
من الملفت للنظر ذلك التفاوت الملموس بين الاحزاب السياسية المختلفة في الداخل وبين فروعها الطلابية في الجامعات من حيث اهتمامها بمكانة ودور وتمثيل المرأة الفلسطينية الناشطة في صفوفها. ففي حين يتناسب تمثيل الطالبات الفلسطينيات النشيطات في الحركة الطلابية مع عددهن من مجمل الطلاب الفلسطينيين في الجامعات، فتجد هذا التمثيل ينخفض بشكل حاد في الاحزاب السياسية الأم لهذه التنظيمات الطلابية. من السهل توجيه اصبع الاتهام بصدد هذا التمثيل النسوي المنخفض الى البنية الاجتماعية التقليدية التي تفرض قيود اجتماعية عديدة على المرأة الفلسطينية المتزوجة لا تجدها في حالة الطالبة الجامعية، ولكن هذا لا يعفي الاحزاب السياسية وقيادتها الذكورية من دورها ايضاً في الحد من المشاركة المتساوية للمرأة في صفوفها. فكيف نفسر التحول النوعي في الحركة الطلابية حيث تم عدة مرات انتخاب فتاة رئيسة للجنة الطلاب العرب (مرتين في جامعة حيفا وأخرى في جامعة تل ابيب) في السنوات الاخيرة في حين ما زال التنافس على قيادة الاحزاب العربية والمجالس المحلية في الداخل، لعبة سياسية لا يخوضها الا الذكور!؟
فكان من اهم ظواهر التفاعل المتبادل بين نشيطات الحركة النسوية الفلسطينية على جانبي "الخط الاخضر" خلال سنوات الانتفاضة الاولى، هو ظهور تنظيمات نسوية فلسطينية في الداخل مستقلة عن الاحزاب التي يهيمن عليها الذكور مما مكنّها من طرح برامج ومواقف اكثر تقدمية وراديكالية تجمع بصورة جدلية بين الوطني والطبقي والنسوي. فقد تشكل في حيفا في مطلع التسعينات تنظيم نسوي فلسطيني يدعى الفنار، وهو تنظيم مستقل لا ينتمي لأي حزب سياسي، حيث جاء تحديد مركبات قضية المرأة في البرنامج التأسيسي للفنار كما يلي: "كفلسطينيات فهن يعانين من القمع والتمييز القومي، كنساء فهن يقعن تحت هيمنة المؤسسة الابوية الباطرياركية طوال حياتهن، وكعاملات فهن يشكلن قوة العمل الاكثر حرماناً. اشكال القمع هذه لا تعمل بشكل مستقل، بل هي متداخلة وتؤثر في بعضها البعض. تحرير المرأة ـ كانسانة لها هوية اجتماعية، شخصية، جنسوية، وقومية ـ يتطلب نضال متزامن على عدة جبهات، والذي لا يمكن تجزئته واجرائه الى مراحل منفصلة" (ِAl-Fanar, 1991, p.1). من خلال التركيز على جميع جوانب الاضطهاد كما تتجلى في ظروف حياة نصف المجتمع، من الواضح ان للنساء الفلسطينيات جدول الاعمال السياسي الاجتماعي الاكثر راديكالية، وبالتالي فإن التحرير الوطني لا بد ان ينطلق من ضرورة تحرير المرأة في نفس الوقت.
وليس من المفاجئ ان يكون الانجاز النوعي الذي حققته المرأة الفلسطينية في بداية الانتفاضة، سواءاً من حيث شمولية مشاركتها اليومية في الانتفاضة وكذلك تمكنها من صياغة رؤية سياسية اجتماعية تجمع بين الوطني والنسوي، قد ادى الى العديد من الاستنتاجات المتسرعة لدى بعض الكتاب بان المرأة الفلسطينية قد حققت المساواة الاجتماعية من خلال الانتفاضة نفسها (Hammami, 1991). والحقيقة ان واقع الحال يقول بأن حصول المرأة على حقوقها الاجتماعية ومساواتها التامة بالرجل وتحررها من قيود القمع الابوي المتراكم على مر الاجيال يتطلب عملية تغيير إجتماعي طويلة ومتراكمة لا يمكن انجازها بجرة قلم او خطاب سياسي رنان من زعيم هنا او هناك. فتعامل القيادة الفلسطينية يمينية الاتجاه وذكورية المبنى، سواءاً على صعيد منظمة التحرير الفلسطينية في تونس انذاك أو القيادة الموحدة للأنتفاضة في الضفة والقطاع، تعاملها مع مسألة تحرر المرأة الفلسطينية كحلقة من المشروع الوطني تتطلب وقفة نقدية صريحة وجريئة.
الصراع على ما تم إنجازه!
وكما افرزت الانتفاضة دور فعال للمرأة الفلسطينية وتنظيماتها فإنها في نفس الوقت شكلت منعطفاً جديداً في ظهور الاسلام السياسي وتشكيل حركة "حماس" كفصيل سياسي جديد فعال في حركة التحرر الوطني. وبغض النظر عن دوافع واسباب توقيت ظهور "حماس" والجدال الايديولوجي الذي اضافه ظهورها للتعدية السياسية للشعب الفلسطيني، فلا يمكن تجاهل موقفها الرجعي تجاه قضية المرأة والذي شكل تناقضاً حاداً مع الانجازات الاجتماعية التي بدأت تحققها المرأة الفلسطينية في الاشهر الاولى من عمر الانتفاضة. فظهور تيار تحرر المرأة وتيار اسلامي اصولي يقمع المرأة في نفس الوقت يؤكد كون الانتفاضة الفلسطينية ظاهرة مركبة تحتاج الى اكثر من دراسة وتحليل. تقول ريما حمامي عن علاقة "حماس" بالمرأة: "حتي تتمكن هذه الحركة من توسيع قاعدتها الجماهيرية وشق طريقها الى حركة التحرر الوطني فقد حولت مواقفها الاجتماعية الى شعارات وطنية، وهكذا فقد استعملت المرأة كاحدى الادوات لتحقيق هذه الاهداف" (Hammami, 1991, p. 78).
ومن ابرز الامثلة على إستهداف التيار الاصولي للمرأة الفلسطينية وبعض الانجازات الاجتماعية التي حققتها خلال الانتفاضة كان حملة فرض ارتداء الحجاب عليها في الاماكن العامة. فملاحقة ومضايقة وحتى الاعتداء الجسدي على النساء الفلسطينيات التي لا ترتدي الحجاب بدأت في قطاع غزة وانتشرت بسرعة فائقة الى سائر مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية. والحجاب كما هو معروف، ومن وجهة نظر تحرر المرأة ومساواتها بالرجل، يلخّص المرأة التي ترتديه في الاماكن العامة الى مجرد "شئ" حيث تفقد خصوصياتها وتكوينها الذاتي وتتحول الى مجرد رقم بين مجموع النساء. والانكى من كل ذلك هو ان يكون ارتداء الحجاب مفروض على المرأة رغم ارادتها وليس لباس هي تختاره بسبب قناعاتها العقائدية.
وبالطبع فإن حملة الحجاب ضد المرأة الفلسطينية وضعت القيادة الموحدة للإنتفاضة، والتي شكلت بطبيعة الحال إنعكاس لتركيبة م.ت.ف، وضعتها امام اختبار حقيقي حول مصداقية دعمها ومساندتها لقضية تحرر المرأة. فرغم الندائات المتكررة والمطالبة الملحة بأن تتدخل القيادة الموحدة لوضع حد لممارسات "حماس" ضد المرأة الفلسطينية فإن موقف القيادة، وكما هو الحال دائماً، قد تحدد وفق حسابات الربح والخسارة وإصرارها على الحفاظ على هيمنتها من خلال تجنب المصادمة مع التيار التقليدي في المجتمع الفلسطيني. فبقدر ما جاء تدخل القيادة الوطنية متأخراً، بقدر ما جاء باهتاً شبه محايد حيث اصدرت القيادة الموحدة للأنتفاضة بياناً بعد عام كامل من حملة الحجاب تضمن استنكار الحملة ضد المرأة في المدن الفلسطينية المختلفة (Hammami, 1991).
والسؤال الاهم والاكثر الحاحاً الذي افرزه تصعيد دور المرأة الفلسطينية وتضحياتها خلال الانتفاضة يدور حول الضمانات التي يمكن ان تلتزم بها القيادة الفلسطينية بخصوص حقوق المرأة بعد انجاز الدولة بصفتها احد الشعارات التي رفعتها الانتفاضة. وكون القيادة الفلسطينية الرسمية ما زالت في الخارج انذاك، وكونها بدأت "تتململ" لقطف ثمار الانتفاضة قبل ظهور قيادة فلسطينية محلية من رحم الانتفاضه ذاتها، فكان لا بد ان يوجّه السؤال الى رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات نفسه. ففي مقابلة اجرتها معه سهى صباغ بعد حوالي عامين من عمر الانتفاضة حول الضمانات بالنسبة لحقوق المرأة الفلسطينية بعد التحرير، يأتي جواب عرفات غامض ومراوغ حيث يرسم صورة "رومانسية" للمرأة الفلسطينية المناضلة ويتهرب من الادلاء بموقف صريح واحد يضمن لها بعض حقوقها بعد التحرير. فهو يقول رداً على سؤال صباغ بهذا الصدد: "مريم أم النبي عيسى قد اصبحت رمزاً للمعاناة اليومية التي تعيشها كل الامهات الفلسطينيات اليوم. أنا اتمنى واتوقع أن ياتي اليوم الذي تستطيع فية اي امرأة فلسطينية، وربما انت، ان تتنافس معي حول منصب القيادة. لا اعتقد بأن هنالك حاجة لتقديم الضمانات في المستقبل، لأن افضل ضمان هو التحول الذي يحصل حالياً في العلاقات بين الجنسين وفي البنية الاجتماعية الفلسطينية خلال الانتفاضة" (Sabbagh, 1989, p. 108).
والحقيقة ان هذه المبالغة في رسم الصورة "الرومانسية" حول الانجازات التي حققتها المرأة الفلسطينية من خلال مشاركتها في الانتفاضة، دون التحليل العميق لتعقيدات وتركيبة البنية التقليدية الباطرياركية للمجتمع الفلسطيني وقيادته السياسية بالذات، هي محاولة لذر الرماد في العيون وبالتالي هدر تضحيات المرأة الفلسطينية وبعض الانجازات التي حققتها. فأمنية الزعيم الفلسطيني أن تنافسه امرأة فلسطينية حول منصب القيادة قد تحققت وإن كان بصورة شكلية حين نافسته في انتخابات السلطة الفلسطينية السيدة ام خليل، رئيسة "جمعية انعاش الاسرة" المذكورة اعلاه. فطالما انتخابات "ابو عمار" و"ام خليل" هي انتخابات شكلية شارك فيها، حسب مشروع اوسلو، اقل من نصف الشعب الفلسطيني (مناطق احتلال 1967 فقط!)، وطالما ان ام خليل لا تختلف كثيراً عن ابي عمار في مواقفها التقليدية الباطرياركية المحافظة تجاه قضية المرأة، فلا عجب ان تجد المرأة الفلسطينية المناضلة بأن قضيتها والتي ناضلت من اجلها كجزء جدلي من قضية شعبها، ما زالت تبدأ من جديد من المربع الاول!
ولا بد من مواجهة حالة التراجع هذه بدرجة عميقة من الوعي لخطورة التمثيل الشكلي لقضية النصف المقموع من شعبنا، في مؤسسات يقودها النصف الاخر والتي تخلق حالة من الوهم بأن شئ ما قد تم إنجازة. فتمثيل المرأة الفلسطينية في مؤسسة يقودها الذكور بشكل دكتاتوري قمعي تجاه كل من يختلف مع القائد الابوي الذي يقف على رأس الهرم، لا يعني بالضرورة انجاز للمرأة بل العكس، فهذا يخلق حالة من الوهم بأن المساواة حاصلة جراء هذا التمثيل الشكلي في حين البنية الاجتماعية كلها ما زالت تقمع المرأة. وقد جاء تنصيب حنان عشراوي كناطقة رسمية بإسم الوفد الفلسطيني في مفاوضات مؤتمر مدريد التصفوي والضجة الاعلامية التي احاطت بدورها هذا، ليؤكد بُعد المسافة التي تفصل بين الصورة الشكلية حول الدور القيادي للمرأة الفلسطينية وبين حالة الظلم الذي تواجهه معظم النساء الفلسطينيات بين قمع الاحتلال من جهة وبين قمع المجتمع الابوي من جهة اخرى. ولكن عشراوي تقول عن دورها هذا بأنه "نصر للمرأة بشكل عام وللمرأة العربية والفلسطينية بشكل خاص" (Hadi, 1992, p. 14). وهكذا يتم اختصار قضية المرأة الفلسطينية وتضحياتها في لباقة الناطقة بلسان الوفد المساوم وقدرتها على مخاطبة وسائل الاعلام الغربي!
وعندما تبين لعشراوي ووفدها، ورغم انه منذ البداية كان يوجّه بواسطة "الروبوت" من قبل القيادة اليمينية المتمركزة في تونس، بأن المؤامرة الحقيقية على حقوق شعبنا كانت تحاك من وراء الكواليس في أوسلو، وأن وفدها ما هو الاّ واجهة شكلية لا اكثر، إنتفضت غيظاً واعلنت استقالتها (مؤقتاً) من اللعبة. وكانت النتيجة، وربما المربحة اكثر اعلامياً ومادياً لعشراوي نفسها، ان اصدرت كتاباً بالانجليزية موجّه الى إستهلاك الرأي العام الغربي تروي من خلاله وجهة نظرها في العملية "السلمية" والعلاقة بين وفود الداخل والخارج الفلسطيني، وإقامة "مؤسسة حقوق المواطن"، ناهيك عن التمويل الغربي للمؤسسة! (Ashrawi, 1995). ولم تدم القطيعة بين عشراوي وبين قيادة اليمين الفلسطيني طويلاً، فما ان تحولت قيادة منظمة التحرير لتصبح قيادة سلطة الحكم الذاتي، حتى عادت عشراوي لتشغل منصب وزيرة التعليم العالي فيها. وعلى ما يبدو فإن المصلحة الطبقية التي تجمع بين وزيرة التعليم العالي وبين قيادة السلطة الفلسطينية هي اقوى من حقيقة مساومة هذه القيادة على حقوق المرأة الفلسطينية بشكل منهجي.
يتخيل للبعض ان الانجاز النوعي الذي حققته المرأة الفلسطينية من خلال مشاركتها المكثفة في الانتفاضة الاولى وبلورة خطاب يجمع بصورة جدلية بين النضال الوطني والاجتماعي النسوي، بأن هذا قد احدث تحول في نهج اصحاب القرار في السلطة الفلسطينية ومراكز القوة في المجتمع الفلسطيني بشكل عام بحيث اصبحت مسألة تحرر المرأة الفلسطينية وضمان حقوقها الانسانية بعد التحرير مسألة واردة على جدول الاعمال. والحقيقة المرّة هي انه كما ان التحرير الوطني لن يأتي من طيب نية الاحتلال وانما كنتيجة لمقاومة مستمرة، فإن حرية المرأة الفلسطينية في مجتمعها تحتاج هي ايضاً الى مقاومة مستمرة ومثابرة لأنها حق يؤخذ ولا يمنح. فالمساومة بين الاوساط القيادية التقليدية على حقوق المرأة الفلسطينية وبعض انجازاتها ما زالت تخضع لحسابات المسايرة والتصالح مع البنية التقليدية للمجتمع الفلسطيني بدل من النهوض ببرنامج سياسي اجتماعي تقدمي يقود الى مجتمع افضل خال من جميع انواع القمع والاضطهاد.
بلا شك ان تجنيد المرأة الفلسطينية للمقاومة والمفاخرة بالدور البطولي الذي تقوم به، ابتداءاً من مساهمتها في العمل الفدائي المسلح في لبنان، مروراً بدورها الجذري والنوعي في الانتفاضة الاولى الى مشاركتها في العمليات الاستشهادية في الانتفاضة الحالية، كل هذا في حين نتجاهل البنية التقليدية في المجتمع الفلسطيني الذي يقمع المرأة ويميز ضدها بشكل بنيوي يدل على هشاشة الفكر القليدي والنهج السائد في حركة التحرر الوطني. والحقيقة ان اهم العقبات التي مازالت تقف في طريق الحركة النسوية الفلسطينية رغم كل انجازاتها، ليس فقط البنية التقليدية في المجتمع الفلسطيني، بل والاهم من ذلك، حالة الانفصام في الموقف الذي يعاني منه الرجل العربي الفلسطيني "الثوري"، هذا الانفصام بين الموقف السياسي الراديكالي التقدمي من جهة، وبين الموقف الاجتماعي التقليدي الرجعي الذي لن يتردد في قمع المرأة ومصادرة حقوقها، وكل ذلك بحجة ان مشروع التحرر الوطني هو العامل الاول على سلم الاولويات من جهة اخرى.
د. ابراهيم مكاوي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://google-site-verifica.yoo7.com
فلسطينية الروح
نائب المدير العام الثالث لمراقبة مراقبي الاقسام
نائب المدير العام الثالث  لمراقبة مراقبي الاقسام
فلسطينية الروح


عدد المساهمات : 1397
نقاط : 26565
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 02/10/2010
العمر : 28

دور المرأة الفلسطينية  في النضال Empty
مُساهمةموضوع: رد: دور المرأة الفلسطينية في النضال   دور المرأة الفلسطينية  في النضال I_icon_minitimeالثلاثاء 30 نوفمبر 2010 - 23:47


شكرا مديرنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://palstine2010.banouta.net/forum.htm
هــــمــــس المشــــآعـر
مشرفة
مشرفة
هــــمــــس المشــــآعـر


عدد المساهمات : 919
نقاط : 25745
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 07/11/2010
العمر : 27
الموقع : PaLeStInE

دور المرأة الفلسطينية  في النضال Empty
مُساهمةموضوع: رد: دور المرأة الفلسطينية في النضال   دور المرأة الفلسطينية  في النضال I_icon_minitimeالسبت 11 ديسمبر 2010 - 20:37

يسلمؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤؤ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Princess Palestine
نائب المدير الثاني
نائب المدير الثاني
Princess Palestine


عدد المساهمات : 413
نقاط : 25695
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 07/07/2010
العمر : 28
الموقع : jordan

دور المرأة الفلسطينية  في النضال Empty
مُساهمةموضوع: رد: دور المرأة الفلسطينية في النضال   دور المرأة الفلسطينية  في النضال I_icon_minitimeالخميس 27 يناير 2011 - 21:40

مديرنا معلومات جميلة جدا شكرااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دور المرأة الفلسطينية في النضال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جبهة النضال الشعبي
» دور و مكانة المرأة في الاسلام
» الرياضة الفلسطينية
» الكبسة الفلسطينية
» الفصائل الفلسطينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الوادي الاخضر الفلسطيني  :: القسم الثالث :: منتدى دور المرأة الفلسطينية في النضال الفلسطيني-
انتقل الى: