'صادف يوم أمس الاثنين السابع والعشرون من شهركانون الاول/ ديسمبر الذكرى الثانية لحرب 'الرصاص المصبوب' التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة واستمرت 22 يوما، استخدمت فيها قوات الاحتلال بكافة تشكيلاتها أسلحة محرمة دولياً، أسفرت عن استشهاد نحو 1500 فلسطيني، قتل عدد منهم وبينهم أطفال ونساء في تلك المجزرة
ففي ساعات الصباح الأولى ليوم السبت الموافق 27 ديسمبر من العام 2008، شنت نحو ثمانين مقاتلة صهيونية نفذة غارات متزامنة دامت لبضع دقائق على عشرات المواقع الأمنية التي تتمركز فيها قوات تابعة للحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس، أسفرت تلك الغارات التي كانت بداية الهجوم عن استشهاد أكثر من 200 رجل أمن بينهم القائد العام للشرطة.
وفي دقائق معدودة تحول هدوء قطاع غزة من شماله إلى جنوبه لصراخ وعويل، بعد أن تناثرت جثث الشهداء وغطت برك الدماء الأرض، وازدحمت الشوارع ببيوت العزاء.
ولم يكن يتوقع أحد أن تشن إسرائيل ضربات شرسة بهذا الشكل ضد قطاع غزة، بعد توتر الأوضاع على طول الحدود في الفترة التي سبقت الحرب، وهي الفترة التي امتدت لأيام بعد انتهاء تهدئة بين حركة حماس في غزة وإسرائيل برعاية مصرية دامت لستة أشهر رفضت عقبها الفصائل وحماس تمديدها مجدداً،
فهدد أكثر من مسؤول إسرائيلي بتوجيه ضربات ضد القطاع، وخادعت إسرائيل الجميع بان اختارت توقيت الهجوم في يوم السبت يوم العطلة الرسمي عند اليهود، لتباغت حركة حماس التي لم تكن قد اتخذت ترتيبات أمنية لمواجهة الهجوم الإسرائيلي المحتمل.
وبعد الضربة الأولى للقطاع أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أيهود أولمرت أن بلاده بدأت حرب ضد حركة حماس في غزة، قال ان الهدف منها وقف عمليات إطلاق الصواريخ تجاه جنوب إسرائيل، ( فلسطين المحتلة ) لكن طبيعة العمليات العسكرية التي شنها الجيش كانت خلاف ذلك.
فبعد أن أعطت إسرائيل مهلة لسكان غزة لدفن جثامين شهداء الضربة الأولى، شنت مقاتلات أخرى، وبوارج حربية ومنصات صواريخ هجمات متلاحقة ضد أهداف متفرقة ضد القطاع دامت لسبعة أيام متتالية أوقعت أعداد كبيرة من الشهداء المدنيين، حيث استهدفت مئات المنازل والمساجد، ودمرت إسرائيل أحياء سكنية بكاملها في مناطق الحدود، بعد أن داستها الجرافات وبداخلها عدد منها سكانها المدنيون، كما حدث في منطقة السلاطين وعزبة عبد ربه.
وأخذت الحرب في اليوم الثامن منحى جديدا، حين دفعت إسرائيل بقواتها البرية المصفحة للدخول في عمق المناطق الفلسطينية، فاحتلت بعض الأحياء الحدودية، ودخلت قوات أخرى في بعض أحياء مدينة غزة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، والتي تعتبر العاصمة السياسية للقطاع.
وقتلت قوات الاحتلال خلال الحرب عمالا يعملون في نقل مواد الإغاثة الدولية، وقصفت دبابة مخزن المواد الغذائية الرئيس التابع لوكالة غوث اللاجئين 'الأونروا' الملاصق تماماً لمبنى الأمم المتحدة في غزة، ما تسبب بتدمير المخزن وإحراق جميع محتوياته، وهو أمر دفع بـ'الأونروا' إلى الإعلان عن تعليق خدماتها لأيام.
وترافق مع تلك الهجمات شن الطيران الحربي غارات جوية على عدة أهداف مدنية تابعة للحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس، ودارت اشتباكات مسلحة بين المقاومة والقوات الإسرائيلية المتوغلة في غزة.
وقسمت إسرائيل القطاع إلى منطقتين، حين نشرت دباباتها من الحدود الشرقية للمنطقة الواقعة جنوب مدينة غزة، إلى ساحل البحر.
وبسبب الهجمات الجوية والبرية المتلاحقة التي أبيدت خلالها عائلات بكاملها، مثل عائلة السموني التي فقدت أكثر من 30 من أفرادها، وكذلك عائلة الداية، وعبد ربه لم تستطع المشافي الفلسطينية من تقديم كامل الخدمات اللازمة للمصابين، بسبب نقص الأدوية، فبدأت بتحويل عدد كبير من المصابين الذين تعرضوا لإصابات خطرة للعلاج في بلدان عربية وأجنبية بعد نقلهم إلى مصر من خلال معبر رفح البري.
وخلال تلك الحرب التي تعد أكبر هجوم يتعرض له القطاع منذ بداية الصراع الفلسطيني الصهيوني، استخدمت إسرائيل أسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين الفلسطينيين، منها 'الفسفور الأبيض'، وهو أمر أكدته تقارير حقوقية استندت إلى خبراء دوليين.
وكانت أكثر الغارات وحشية تلك التي استهدف مدرسة الفاخورة شمال غزة التي كانت وقتها مخيم لإيواء سكان هجروا منازلهم القريبة من العمليات فأوقعت تلك الغارة 46 شهيداً..
وعقب الحرب أعلنت إحصائيات أن عدد الشهداء بلغ نحو 1500 شهيد، نسبة كبيرة منهم من الأطفال والنساء والمدنيين ورجال الإسعاف والدفاع المدني، إضافة إلى أكثر من 5000 جريح، وتبين أيضا أن إسرائيل دمرت أكثر من 14 ألف منزل ومنشأة.
ولا تزال آثار وذكريات تلك الحرب المؤلمة تسيطر على كافة نواحي الحياة في القطاع المحاصر، خاصة مع عودة تهديدات قادة إسرائيل في هذه الأيام بتوجيه ضربات عسكرية للقطاع، بعد أن شهدت مناطق الحدود توتراً كبيراً في الأسابيع الماضية.
.
الثلاثاء 28 ديسمبر 2010 - 15:20
