عبد العزيز الرنتيسي
ولد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، رحمه الله رحمة واسعة، في قرية يبنا) الواقعة إلى الشرق من مدينة يافا، وقرب عسقلان في 23/10/1947/ وبعد أقل من عام، طردت العصابات الصهيونية أسرته إلى قطاع غزة، واستقرت في مخيم خان يونس.
وفي الصف الثاني الإعدادي، توفي والده، تاركاً له ثمانية إخوة وأختين، وعاشت الأسرة حياة الفقر والشظف والبؤس، وعاش عبد العزيز طفولة معذّبة أشعرته بمسؤوليته المبكرة عن الأم والأخوات،وجعلت منه رجلاً وهو فتى.
زار مرة واحدة قريته (يبنا) فوجد أسرة يهوداً تسكن بيته الذي ولد فيه، جاءت الوكالة اليهودية بها إلى قريته، وملكتها بيته وأرضه، وتجرع الشاب المرارات والحسرات، واختزنها في نفسه الثائرة، لتظهر بعد حين في حركة واعية منظمة تدرك رسالتها ووظيفتها في هذه الحياة.
تعليمه:
تعلم الطفل عبد العزيز في مدارس المخيم، وكان أحد العشرة المتفوقين في الشهادة الثانوية –الفرع العلمي، في قطاع غزة كله،مما أهّله للحصول على منحة دراسية من وكالة الغوث، لدراسة الطب في مصر.
وفي عام 1970 حصل على بكالوريوس طب عام، وعاد إلى المخيم ليمارس مهنة الطب، ثم سافر مرة أخرى إلى مصر، وحصل على شهادة الماجستير في طب الأطفال.
الإخوان المسلمين:
أثناء دراسته في مصر تأثر كثيراً بالشيخ محمد عيد الذي كان يدعم القضية الفلسطينية ويتحدى السادات بخطبه السياسية الحماسية،وبالشيخ إبراهيم المحلاوي، وكانا يخطبان في مسجد السلام، ومسجد إبراهيم باشا، في القاهرة، وكلاهما من رجال الإخوان المسلمين.
ولما عاد إلى غزة، كان يحمل في نفسه وقلبه وعقله تلك الأفكار الجريئة التي قادته إلى الحركة الإسلامية، ليصبح أحد أبرز رموزها، ليس في غزة أو فلسطين وحدها، بل على مستوى العالم، فقد غدا اسمه على ألسنة الناس التي انطلقت تتحدث عن آرائه ومواقفه.
من مؤسسي حماس:
وهو أحد السبعة الذين أسسوا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أواخرسنة 1987 بعد قيام الانتفاضة الأولى مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وعبد الفتاح دخان، ومحمد شمعة، وإبراهيم اليازوري، وصلاح شحادة، وعيسى النشار، وكتب الرنتيسي أول بيان لحماس، وكان مسؤول منطقة خان يونس آنئذ في حركة الإخوان المسلمين .بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين، رحمه الله، اختير الرنتيسي قائداً
لحركة حماس في غزة، في 23/3/2004 فقد كان مجمعاً عليه.
زواجه:
تزوج الدكتور عبد العزيز من فتاة ملتزمة ولا تقل عن زوجها فاعلية ونشاطاً في الحركة الإسلامية، وله منها ستة أولاد، ذكران محمد وأحمد) وأربع بنات (إيناس، وسمر، وآسيا، وأسماء
شخصيته:
كان زعيماً سياسياً فذاً، وقائداً شجاعاً، جريئاً في قول كلمة الحق، وفي التصدي للصهاينة اليهود ، لم يخف من عمليات الغدر التي يقومون بها لاغتياله، ولم يخش الآلة العسكرية الجبانة. كان يعد نفسه مشروع شهادة يتمنى تحقيقه، ويسعى إليها، ولولا ضرورات العمل، لما اختفى عن الأنظار، ولولا وجوب الحذر المأمور به شرعاً وتنظيماً، لبرز إلى أولئك الأفاقين وجهاً لوجه.
ومع ذلك، كان يستقبل الصحفيين في قاعة استقبال تقع في الطابق الأخير من مبنى صغير في شارع فلسطين، في حي الشيخ رضوان في غزة هاشم.
كانت له شخصيته الرزينة، ومنطقه الحكيم الذي يقنع به محاوره، ويعبئ به الجماهير، ويغيظ الصهاينة وعملاءهم.. شخصيته شخصية مواجهة دون مواربة، فقد كان يرى ويطالب بضرب أي إسرائيلي تقدر على ضربه في أي زمان ومكان، لأن الإسرائيلي محارب خسيس يتزيا للناس بأزياء مخادعة، وإذا تمكن منك غدر بك.
وشخصيته القوية العنيدة في مواقفها السياسية والجهادية، جعلت له سجلاً حافلاً بالكفاح في سائر الميادين، وعرضته للاعتقال، من اليهود، مرات ومرات، وعرضته للإبعاد إلى مرج الزهور، وإلى التعذيب لدى الأعداء الذين كانوا يسعون للقضاء عليه بشتى السبل والأساليب.
صراعه مع الصهاينة:
أول مواجهة له مع الاحتلال الصهيوني كان عام 1981 عندما فرضت عليه الإقامة الجبرية، تلاها اعتقاله، لأنه رفض دفع الضرائب للمحتلين الغاصبين، وقاد حملة توعية دعا الناس فيها إلى الامتناع عن دفع الضرائب للاحتلال ثم تتالت الاعتقالات التي بلغت خمس مرات، ومدة سبع سنين أمضاها الدكتور الرنتيسي في سجون المحتلين، وأمضى
سنة في مرج الزهور عندما أبعدوه مع 417 أخاً عام 1992.
وهو أول قيادي في حماس تعتقله سلطات الاحتلال عام 1987 وقد منعوه من النوم ستة أيام متوالية، ووضعوه في ثلاجة مدة أربع وعشرين ساعة، إلى ألوان التعذيب الوحشي الأخرى التي استمرت مدة واحد وعشرين يوماً، من أجل الاعتراف ولو بتهمة واحدة من التهم الكثيرة
التي وجهوها إليه، وكان يأبى ويصبر ويحتسب.
وكان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بمجرد ما يؤخذ إلى أقباء التحقيق يهاجم المحققين ويشتبك معهم باللكمات حتى يغمى عليه من شدة ما يلقى من أهوال التعذيب.
ولم يأخذوا منه أي اعتراف، ولائحة الاتهامات ضده كانت تتم باعتراف الآخرين عليه، وليس باعترافه هو.
في مرج الزهور:
وفي ليلة الإبعاد في كانون الأول 1992، كان صوته يلعلع رافضاً أن يتفرق المبعدون في ربوع لبنان أو غيرها من البلاد العربية، مصراًعلى أن يكون المبعدون قبالة أرض فلسطين الغالية.
واستطاع من اليوم الأول للإبعاد، أن يجسد قضية فلسطين، وكان صوتها القوي الذي يؤمن بوحدة أرض فلسطين، فقد اختاره إخوانه ليكون على رأس اللجنة الإعلامية، والناطق الرسمي باسمهم..
كان يعمل إلى ما بعد منتصف الليل، وإخوانه نائمون، فلم يكن ينام أكثر من ساعتين أو ثلاث فقط.
محاولات اغتياله:
"كانت أولى محاولات اغتياله في مرج الزهور، في خيمة الإعلام، في اليوم الأول من شهر رمضان، يومها حضر شخص يتحدث العربية، ادعى أنه مترجم لصحفي ياباني، دخل الخيمة، وترك حقيبة فيها قنبلة موقوتة،
انفجرت مع أذان المغرب بالضبط، وأحرقت الخيمة بأكملها.ومن رحمة الله كان الجميع خارج الخيمة على مائدة الإفطار.سمع الجميع صوت الانفجار، وهبوا لإطفاء الحريق،
وفي 10/6/2003 تعرض لمحاولة اغتيال، استشهد فيها اثنان من مرافقيه، وأصيب نجله أحمد بجروح خطيرة.
وفي شهر أيلول 2003 تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة.
وتعرض لمحاولة اغتيال أخرى في اليوم الثالث لاستشهاد الشيخ أحمدياسين، نجا منها بأعجوبة، ولم تكشف عنها حماس إلا بعد تأكيدها من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية.
سبق استشهاده أن أربع طائرات تجسس (بدون طيار) كانت تجوب سماءغزة طوال أسبوعين بحثاً عنه، وهذا يعني أنه اتخذ احتياطات أمنيةكافية لتلافي جريمة الاغتيال، ولكن الصهاينة كانوا جندوا كامل طاقاتهم لرصده.