[ltr]بيت لحم- خاص معا - بينما كانت الطائرات الإسرائيلية والدبابات تلقي بالقذائف الصاروخية على قطاع غزة على مدار أربعة أسابيع من العدوان الإسرائيلي، كانت حرب أخرى تدور رحاها في محاولة للتأثير على عقول وقلوب العامة في أرجاء المعمورة.
[/ltr]
[ltr]ومع أن تلك الحرب الكلامية أقل دموية من حرب الطائرات والدبابات، إلاّ أن لها مدلولات مهمة تشير إلى التحولات في الفكر الإسرائيلي الصهيوني السائد والتي تكشف، كما يرى الخبراء، عن تصاعد مضطرد في النظرة الصهيونية للعالم والنزعة للعنف على أساس التمييز العنصري والجنسي.
[/ltr]
[ltr]تقول المحامية الفلسطينية والعضو السابق في فريق التفاوض التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ديانا بطو إنها خلال أسابيع إبان العدوان الإسرائيلي على غزة تلقت مئات الرسائل الإلكترونية التي تعكس مستوى الكراهية وتهدد بالاعتداء عليها. ورغم أن مثل هذه الرسائل ليست بالأمر الجديد عليها، إلاّ أنها قالت في حديث لوكالة معا إن التهديدات هذه المرة "غير مسبوقة" من حيث اللهجة والكمية.
[/ltr]
[ltr]تقول بطو إنها في السابق كانت تتلقى رسائل تنعتها بالجنون أو فقدان العقل، "أما الآن فإنهم يقولون أشياء مثل اقتلوا كل المسلمين الحثالات." وتضيف أنها أصبحت تتلقى باستمرار رسائل من مجموعات إسرائيلية منظمة تحتوي على شتائم ومسبات.
[/ltr]
[ltr]وأكدت المحامية الفلسطينية أن كل الرسائل الإلكترونية التي وصلتها في الأيام القليلة الماضية بدون استثناء استخدمت فيها إما لغة التهديد المبني على التمييز العنصري أو المبني على التهديد الجنسي- بما في ذلك التهديد بالاغتصاب- ولم تتضمن ولو رسالة واحدة تعبيرا عن المخالفة في الرأي بشكل مؤدب أو نقاشا حقيقيا.
[/ltr]
[ltr]وأضافت بطو في مقابلة عبر "سكايب" إن التحول في اللغة وتصاعد وتيرة العنف المبني على الجنس كناية عن الحرب هو مؤشر على ظهور نزعات جديدة على نطاق أوسع لدى العامة في إسرائيل.
[/ltr]
[ltr]تقول بطو: "عندما يكون في إسرائيل رئيس وزراء يصف من قتلوا المستوطنين الثلاثة بأنهم حيوانات في صورة بشر، أو عندما تجد (عضو كنيست) مثل أيليت شاكيد تنعت الناس بالأفاعي التي ينبغي القضاء عليها... فإن هذا ينعكس في التعليقات والرسائل الإلكترونية التي نتلقاها."
[/ltr]
[ltr]وترى بطو أنه في ظل تصاعد البروباغندا التي تقودها الحكومة الإسرائيلية واصفة القضية الفلسطينية بأنها "فرع من منظمة بوكو حرام، أو داعش، أو الإخوان المسلمين، أو كل ما تعتبره سيئا في العالم" فإن هذا يضع في مهب الريح الفكرة التي تقول إن النضال الفلسطيني هو نضال قومي من أجل الحرية.
[/ltr]
[ltr]أما النزعة الأخرى التي لاحظتها بطو من خلال رسائل الكراهية التي تتلقاها فهي النزعة للعنف ضد المرأة والتي تقول إنها أصبحت سائدة في الخطاب الصهيوني.
[/ltr]
[ltr]الملفت في الأمر، تقول المحامية الفلسطينية، هو التناقض الذي يظهر جليا من خلال استخدام لغة صريحة في التمييز ضد المرأة موجهة للشخصيات التي تناصر الفلسطينيين، في الوقت الذي يدعي الصهاينة أن إسرائيل "جنة عدن" على صعيد حقوق المرأة.
[/ltr]
[ltr]وهنا استذكرت بطو ما قاله الإسرائيلي مردخاي كيدار أستاذ الأدب العربي في جامعة بار إيلان بأن "السبيل الوحيد لردع الإرهابيين الفلسطينيين هو تهديدهم باغتصاب أمهاتهم وأخواتهم." وجاءت أقوال كيدار هذه خلال مقارنته بين المجتمعات العربية وبين إسرائيل ادعى فيها ان العرب لا يفهمون سوى لغة العنف الجنسي، وهو ما دفعه إلى حث الجنود الإسرائيليين على استخدام مثل هذا العنف.
[/ltr]
[ltr]وختمت بطو حديثها بالإشارة إلى أن ما يعرف في إسرائيل ب "هزبارا" أو البروباغندا عمدت وبصورة ممنهجة خلال الأعوام الستة الماضية إلى التركيز على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم.
[/ltr]
[ltr]بدورها قالت سيمونا شاروني، رئيسة دائرة دراسات المرأة والنوع الاجتماعي في جامعة ولاية نيويورك والمتخصصة في النوع الاجتماعي والعسكرة في إسرائيل/فلسطين إن صور العنف المبني على النوع الاجتماعي التي تبث إبان الحرب الدائرة حاليا أصبحت "أكثر تطرفا وصراحة وأقرب إلى الأفلام الإباحية."
[/ltr]
[ltr]"في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة تعاني النساء الفلسطينيات من الاحتلال والعنف كنساء وكفلسطينيات، ومن الواضح أن تصوير أجساد النساء الفلسطينيات على أنها جمادات هو كناية عن وحشية العملية، وهشاشة الضحايا وغياب المحاسبة لمن ينفذون العملية" على حد تعبير شاروني.
[/ltr]
[ltr]ورغم أن هذه الهجمة الرهيبة ليست بالأمر الجديد، إلاّ أنها "أباحت استخدام التهديد العنصري، والجنسي، والمثلي ضد كل من يعارضها" حسب قول شاروني مشيرة إلى أنه في أوقات الحروب تأخذ مثل هذه التهديدات شرعية أكبر حتى لو كانت ضد اليهود الإسرائيليين الذين يتجرؤون على التعبير عن معارضتهم للعدوان.
[/ltr]
[ltr]كما أكدت أن الجنسي أو العنف ضد المرأة "جزء لا يتجزأ من ثقافة العسكرة السائدة في إسرائيل" لافتة إلى أن دعوة الجنود إلى ممارسة مثل هذا العنف تحت ذريعة الأمن القومي وإلى الموت دفاعا عن تلك الذريعة ما هي إلاّ دليل على تلك الظاهرة.
[/ltr]
[ltr]وأشارت شاروني إلى أنه منذ أن بدأ القتل في صفوف الجنود الإسرائيليين خلال المعركة ظهرت مجموعات عديدة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تدعو إلى مساندة الجنود معتمدة على عرض صور لنساء إسرائيليات يعرين أجزاءً من أجسادهن من أجل ذلك. ومن بين تلك المجموعات واحدة تحمل شعار "الوقوف إلى جانب جيش الدفاع الإسرائيلي" والتي نشرت صورا شبه عارية لنساء إسرائيليات كتبن على أجسادهن رسائل تعبر عن دعمهن للجيش الإسرائيلي، وهو ما اعتبرته شاروني ظاهرة جديدة.
[/ltr]
[ltr]" أن يشعر الجنود الإسرائيليون بأن لهم الحق في أجساد النساء، وخاصة أوقات الحروب، ليست بالظاهرة الجديدة، لكن الجديد هو أن تعبر النساء عن هذا الحق على الملأ" على حد تعبير الأستاذة في جامعة ولاية نيويورك.
[/ltr]
[ltr]وتضيف شاروني أن تبني العامة في إسرائيل لمثل هذه النزعة للعنف القائم على الجنس تعكس على ما يبدو الدعم الواسع للعدوان والمحاولات المتزايدة لتصوير إسرائيل على أنها "قاعدة للحضارة الغربية" ولحقوق المرأة مما يتيح للإسرائيليين تبني الليبرالية حسب مفهومهم في الوقت الذي يطلقون العنان للعنف ضد "الآخر" وهو هنا الفلسطيني.
[/ltr]
[ltr]ورغم أن هذه النزعات موجودة في الفكر الصهيوني حتى قبل عام 1948، إلاّ أن الأجواء الفكرية التي سادت بعد هجمات 11 سبتمبر والتي تدفع باتجاه الحرب بين الغرب وبين الإسلام غيرت الموقف بصورة ملفتة. ويرى بعض المراقبون أن تلك الأجواء أطلقت العنان لنوع جديد من الكراهية والذي بات يمتدح بكل وقاحة النظرة العنصرية والتميزية للعالم في الوقت الذي يدعي الدفاع عن الليبرالية.
[/ltr]
[ltr]يوسف منيّر المدير التنفيذي لمركز فلسطين في واشنطن العاصمة أكد هو الآخر في مكالمة هاتفية مع وكالة "معا" أنه لاحظ خلال عمله على قضايا الشرق الأوسط طيلة السنوات العشر الماضية أن النزعة للعنف المبني على الجنس والنوع الاجتماعي قد أصبحت صارخة.
[/ltr]
[ltr]وأشار منيّر إلى كاريكاتير تداولته وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية خلال الشهر المنصرم وتظهر فيه امرأة مستلقية على سرير ترتدي النقاب بينما تكشف عن الجزء السفلي من جسمها ومكتوب على ثوبها كلمة "غزة" بالإنجليزية. وعلى إطار الصورة يظهر في الأعلى باللغة العبرية عبارة "بيبي (نتانياهو) هذه المرة أنهي في الداخل" وفي الجزء السفلي من الصورة عبارة "مواطنون مؤيدون للهجوم البري" وهنا لا بد من التوضيح بأن العبارة الأولى فيها تلاعب بالألفاظ فالعبارة العبرية لها مدلول جنسي بمعنى "اقذف في الداخل" ومدلول عسكري بمعنى "احسم المعركة من الداخل".
[/ltr]
[ltr]"هذا المستوى من الشر لم نشهده من قبل"، يقول منيّر موضحا أن التحول الجديد لم يتوقف عند الحديث عن الاغتصاب، بل تعدى ذلك إلى تقبل القوى التي تمتدح ذلك.
[/ltr]
ويضيف "في الوقت الذي يتحدثون عن كونهم مدافعين عن حقوق المرأة، فإن اللغة التي يستخدمونها في الحديث عن المرأة الفلسطينية وعن الفلسطينيين بشكل عام لا تعير اهتماما للمرأة على الإطلاق