[center]
القضية الفلسطينية والقرارات الدولية
| |
إن الحديث عن تجارب الأمم والأقوام، وأنواع الصلح والمعاهدات، محكوم بطبيعة القوى المتحاربة والمتصالحة، وكذلك محكومة بطبيعة الصراع ودرجة التناقض بين القوى المتصارعة، وفي النموذج الذي نحن بصدده، الصراع العربي الصهيوني، فإننا نقول ما أصبح إحدى المسلمات، إن هذا الكيان الذي يجثم على أرض فلسطين، هو كيان استيطاني، فهل هذه التسمية جاءت من فراغ؟ وهل هي مقطوعة الجذور في التاريخ؟ أم هذا الكيان الاستيطاني جاء في سياق سيرورة تاريخية للقوى الاستعمارية؟
إن تأسيس الكيان كظاهرة استيطانية، امتداد لتاريخ الاستيطان الذي بدأ قبل ما يقارب (500) سنة، عندما وصل (كريستوف كولومبوس) المكتشف البحار الإيطالي إلى القارة الأميركية عام /1492/، يقول الفيلسوف الاقتصادي الأسكتلندي آدم سميث في كتابه «بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم» 1776: «إن اكتشاف أمريكا واكتشاف طريق الهند الشرقية عبر رأس الرجاء الصالح هما أعظم حدثين في تاريخ البشرية... لا تستطيع البشرية أن تتنبأ أية فوائد أو أية مصائب للبشرية ستنتج من هذين الحدثين من الآن فصاعداً»، وفعلاً كما يقول سميث: «بالنسبة للسكان الأصليين إن في الهند الشرقية أو في الهند الغربية غرقت كل المنافع التي كان ممكناً جنيها من هذه الأحداث وضاعت في المصائب التي خلقتها»، وبفضل قوة أوربا: «كان بمقدورهم ارتكاب كل أنواع المظالم في تلك البلاد النائية دونما خوف من عقاب».
إن هدف المستوطنين، أكانوا إسبان أم بريطانيين أو أمريكيين، إزالة الهنود الحمر، والاستيلاء على أراضيهم، رغم توقيع المعاهدات التي كانت تنقض عندما يلزم ذلك، ففي ثمانينات القرن التاسع عشر، نقض الأمريكيون المعاهدات مع القبائل الخمس المتمدنة في أوكلاهوما وقد قال المستوطنون الإنكليز: «عندما يطمئن الهنود للمعاهدة ستكون لنا ميزة مفاجأتهم وتقليم قرونهم».
لقد حلت معاهدة /1835/ بدلاً من معاهدة أقدم عقدت /1785/ مع هنود الشيروكي، الذين ناصروا بريطانيا في حروبها المسماة «حروب الاستقلال»، إن معاهدة /1835/ أجلت الشيروكي من أراضيهم، رغم أنها نصت بأن الكونغرس الأمريكي قال: «لن تسلبوا أراضيكم في المستقبل»، «وستكون الولايات المتحدة صادقة مخلصة لكل التزاماتها».
إن عدد المعاهدات التي عقدت بين المستوطنين والسكان الأصليين - الهنود الحمر- أكثر بكثير مما ورد ذكره، لكن هذه المعاهدات كان لها وظيفة هامة بين الكثير من الوظائف، وظيفة رئيسة، تلك التي قال عنها المستوطن الإنكليزي: «عندما يطمئن الهنود للمعاهدة ستكون لنا ميزة مفاجأتهم وتقليم قرونهم».
إذا كان الاستيطان قد نجح في جزء من القارة الأمريكية، تلك الأرض التي أصبحت تعرف بالولايات المتحدة الأمريكية، وإذا كان الاستيطان قد فشل في البرازيل وهاييتي وغواتيمالا والمكسيك، وعند الأفارقة والبنغاليين.. وإذا كان الكيان الصهيوني شكلاً من أشكال الاستيطان التي عرفها العالم، وها قد مضى نصف قرن وهو في إطار المشروع، فالسؤال التحدي، ما هو مصير الاستيطان الصهيوني في فلسطين؟ هل سينجح، أم سيفشل؟ وهل ستلعب ما تسمى معاهدات «التسوية» نفس الدور الذي لعبته المعاهدات في تاريخ الهنود الحمر؟
لا بد من الإشارة إلى أن معاهدات التسوية التي عقدت بين المستوطنين والهنود الحمر كانت تتم بشكل ثنائي، أما اليوم فإن ما يطلق عليه «تسويات» تغطى بلبوس قرارات الأمم المتحدة، ولا يفوتنا أن نؤكد أن الأمم المتحدة مرتهنة اليوم للمركز الإمبريالي وقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت منذ التأسيس تعبيراً عن توازن القوى.
ومن اللافت أن قرارات الأمم المتحدة - وبغض النظر عن الموقف منها- وخاصة قرارات مجلس الأمن، لا تكون ملزمة إلا إذا استندت إلى الفصول، السادس والسابع والثامن والثاني عشر، من ميثاق الأمم المتحدة، حسب اجتهادات محكمة العدل الدولية.
وإذا عدنا إلى موضوعنا الأساس، نجد أنه على امتداد تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وحتى الآن، لم يصدر مجلس الأمن أي من قراراته بالاستناد إلى هذه الفصول، إلا ثلاثة قرارات، تستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي تأخذ صفة الإلزامية، وهذه القرارات كانت في صالح «إسرائيل» ففي 29 أيار 1948 صدر القرار رقم (50) الذي يدعو إلى وقف العمليات العسكرية لمدة أربعة أسابيع، إبان حرب 1948، وقد جاء هذا القرار لقطع أي إمكانية أمام تقدم القوات العربية، مما أتاح للصهاينة الحصول على إمدادات كبيرة من السلاح والعتاد والمقاتلين، وبالتالي تعديل ميزان القوى على الأرض، ثم استؤنف القتال، والقرار (54) صدر في (15/ تموز/ 1948) ويقضي بوقف إطلاق النار بين الجانبين، وأنه في حال عدم الإذعان يستوجب على مجلس الأمن النظر في المادة 39 من الميثاق، « بقصد اتخاذ إجراء جديد قد يقرره المجلس بموجب الفصل السابع من الميثاق»، وبعد شهر صدر عن مجلس الأمن القرار (56) بتاريخ (19 آب 1948)، يقضي بتجريد القدس من السلاح، فوافق العرب، وتهرب اليهود حتى تمكنوا من شق طريق بين تل أبيب والقدس بعد احتلال اللد والرملة، ونقلوا الأسلحة والذخائر والمؤن فتطور الموقف لصالح الصهاينة، فتراجع اللورد برنادوت عن توصيته بضم القدس إلى الدولة العربية وطالب بتدويلها.
أما القرارات التي لم يرد فيها بالنص عبارة الفصل السابع، لكنها تحمل إشارة إلى أنه قد يصدر مجلس الأمن قرارات، أو يتخذ إجراءات أخرى، فأبرزها القرار (111) تاريخ 19/ 1/ 1956 ويدين الاعتداء على الأراضي السورية، الواقع بتاريخ 11/ 12/ 1955 واعتبره انتهاك فاضح للقرار (54) تاريخ 15/ 7/ 1948 الذي يحدد آليات وشكل الهدنة وشروطها، وورد فيه بالنص «وإلا اضطر المجلس إلى النظر فيما يلزم اتخاذه من إجراءات أخرى بموجب الميثاق للحفاظ على السلام أو لإعادته»، والقرار الآخر هو القرار رقم (228) تاريخ (20/ 11/ 1966)، ويدين «إسرائيل» بسبب الهجوم على قرية السموع في الضفة الغربية، وقد ورد في البندين الثاني والثالث أن مجلس الأمن: «يدين إسرائيل لقيامها بهذا العمل... وإذا تكررت فسيضطر مجلس الأمن إلى النظر في اتخاذ خطوات جديدة وأكثر فعالية بموجب الميثاق لتأمين عدم تكرار مثل هذه الأعمال».
لكن شيئاً من ذلك لم يحصل، إن عدم جرأة المجلس يعود إلى الضغوط الأمريكية، والخوف من استخدام أمريكا للفيتو، هذا الفيتو الذي استخدم بوضوح لتعطيل التصويت على قرار تقدمت به سورية في 20/ 1/ 1982، يعتبر ضم «إسرائيل» للجولان عملاً عدوانياً، بموجب المادة 39 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بعد أن كان الفيتو الأمريكي قد عطل محاولات استكمال المجلس القرار 497 بفرض عقوبات على «إسرائيل» بموجب الفصل السابع للميثاق، إذا لم تلغ قرارها بضم الجولان، ولجأ المجلس حينها في البند الرابع من هذا القرار إلى القول «يرجو من الأمين العام أن يقدم تقريراً إلى مجلس الأمن بشأن تطبيق هذا القرار خلال أسبوعين ويقرر أنه في حال عدم امتثال إسرائيل يجتمع مجلس الأمن بصورة استثنائية في مدة لا تتجاوز 5/ 1/ 1982 للنظر في اتخاذ الإجراءات الملائمة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة»، لقد رفضت «إسرائيل» القرار، وعطلت أمريكا بالفيتو التصويت على القرار السابق الذكر بتاريخ 20/ 1/ 1982.
ها قد مضى ربع قرن على صدور القرار 242، وما زال الجدل دائراً بشأن القرار، وبشأن تفسيره، مما يؤكد أن موافقة «إسرائيل» على القرار المذكور، إضافة إلى أنها جاءت متأخرة ثلاث سنوات حيث كانت الموافقة عليه عام 1970 إلا أن هذه الموافقة كانت شكلية، ولكسب الوقت، لقد سبق هذا القرار قرارات عدة لم تلتزم بها «إسرائيل»، كثيرة هي القرارات التي صدرت، إضافة إلى ما ورد، فهناك قرارات بشأن المستوطنات، وأخرى بخصوص حماية المدنيين، وإبعاد الفلسطينيين عن أرضهم.
إن قرارات مجلس الأمن، وقرارات الجمعية العمومية التي صدرت بشأن الصراع العربي الصهيوني كثيرة جداً، وإحصاءها يحتاج لكثير من الوقت، والورق، وما تقدم يعطي نموذجاً لهذه القرارات، وكيفية تعامل العدو الصهيوني مع هذه القرارات، والآلية التي تتعامل بها كل من أمريكا والعدو الصهيوني مع مؤسسات الأمم المتحدة، إن المعاهدات والتسويات مع الكيان وعبر مسار خمسين عاماً، تؤكد أنها تخدم الكيان، من خلال الممارسة ودون النظر للأفخاخ التي تتضمنها النصوص والصياغات، ونحن نشهد قراءات مبتسرة وأيديولوجية ووفق الهوى والمزاج، فهذا يختار قراراً وذاك مادة أو بنداً من قرار، فلو كان هناك شرعية دولية نزيهة، أو جاء وقت أصبحت نزيهة، فما هي القراءة التي يجب أن تعتمد، وأية ترجمة، كيلا تفعل فينا المعاهدات والتسويات ما فعلت بالهنود الحمر، إذا أعاد التاريخ نفسه فسيكون أشد مرارة وهزلية، سنحاول قراءة بعض القرارات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية.
«قرار رقم (42) 1948 تاريخ 5 آذار (مارس) 1948: الدعوة إلى منع أو تخفيف الاضطرابات في فلسطين.
إن مجلس الأمن وقد تلقى قرار الجمعية العامة 181 الدورة (2) الصادر في 29 تشرين (نوفمبر) 1947 عن فلسطين، وقد تلقى من لجنة فلسطين التابعة للأمم المتحدة تقريرها الأول وتقريرها الخاص عن مشكلة الأمن في فلسطين.
1- يقرر دعوة أعضاء المجلس الدائمين إلى أن يتشاوروا ويعلموا مجلس الأمن بشأن الوضع بالنسبة إلى فلسطين وأن يرفعوا إليه نتيجة تلك المشاورات توصيات بشأن التوجيهات والتعليمات التي قد يكون من المفيد للمجلس أن يعطيها للجنة فلسطين بغية تنفيذ قرار الجمعية العامة، إن مجلس الأمن يطلب من أعضائه الدائمين أن يقدموا إليه تقريراً عن مشاوراتهم خلال عشرة أيام.
2- ويناشد جميع الحكومات والشعوب خصوصاً تلك التي في فلسطين وحولها، أن تتخذ جميع التدابير الممكنة لمنع أو تخفيف حدة الاضطرابات الجارية حالياً في فلسطين.
تبنى المجلس هذا القرار في جلسة رقم 263 بـ 8 أصوات مقابل لا شيء ضده وامتناع 3 كالتالي:
مع القرار: بلجيكا، كندا، الصين، كولومبيا، فرنسا، أوكرانيا، الاتحاد السوفييتي، الولايات المتحدة الأمريكية.
ضده: لا يوجد
امتناع: الأرجنتين، سورية، المملكة المتحدة.
المراجع:
1- المحاضر الرسمية لمجلس الأمن السنة «3» الملحق الخاص رقم «2».
2- المصدر نفسه السنة «3» الملحق الخاص «2» 676/ S».
بالعودة السريعة - وللذكرى- نجد أنه ومع زوال الحكم العثماني للمنطقة العربية 1916، ومع بداية إرهاصات انكشاف نتائج الحرب العالمية الأولى، بدأ تطبيق اتفاقية سايكس - بيكو، التي عقدت بين بريطانيا وفرنسا لاقتسام تركة الرجل المريض - الإمبراطورية العثمانية- وكانت فلسطين وفق هذه الاتفاقية من حصة بريطانيا، التي أعلنت الانتداب على فلسطين، ومن المفيد أن نذكر أن صك الانتداب كان يحوي وعد بلفور، الذي أعطته بريطانيا للحركة الصهيونية، وقد أعلن الانتداب على فلسطين عام 1920، وبعد عدة ثورات وصدامات، وبعد انكشاف سعي بريطانيا لتقوية الصهاينة في فلسطين، بدأت بريطانيا تسعى للتخلص من القضية الفلسطينية عبر نقلها إلى الأمم المتحدة، ومنذ تلك اللحظة بدأت القرارات الدولية تنهمر على رأس الشعب والقضية الفلسطينية، وكانت البداية مع القرار 42 بتاريخ5/ 3/ 1948، ويعمل هذا القرار على قوننة الواقع الذي خلقته موجات المستوطنين، تحت رؤية وسمع الدول المنتدبة، وبعد صدور قرار التقسيم الرقم 181 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فبعد أن يبين مجلس الأمن أنه تلقى القرار 181، كما تلقى تقارير لجنة فلسطين التابعة للأمم المتحدة، عن «مشكلة الأمن في فلسطين»، ولأن مجلس الأمن يرى أن المشكلة في فلسطين محض أمنية، فقد قرر دعوة أعضائه الدائمين للتشاور، والنظر في المسألة، سعياً لتنفيذ القرار 181، وهذا القرار- كما هو معلوم- يعطي المستوطنين حق إقامة «دولة» على أرض فلسطين، وحتى صدور القرار 42 لا يوجد شيء اسمه «إسرائيل»، ولا حتى في عرف الأمم المتحدة، فاللجنة اسمها لجنة فلسطين، والبند الأول من هذا القرار يتحدث عن «الوضع بالنسبة إلى فلسطين» وعن مشكلة الأمن «في فلسطين»، كما يدعو هذا القرار إلى ما أسماه منع و«تخفيف حدة الاضطرابات الجارية حالياً في فلسطين».
وبعد أقل من شهر قام مجلس الأمن بإصدار القرار (43).
«قرار رقم 43 (1948) بتاريخ 1 نيسان (إبريل) 1948:
الدعوة إلى هدنة بين الطائفتين العربية واليهودية في فلسطين.
إن مجلس الأمن، في ممارسته أولى مسؤولياته في المحافظة على الأمن والسلم الدوليين:
1- يلاحظ تزايد العنف والاضطراب في فلسطين، ويؤمن بالضرورة الملحة لإقامة هدنة فورية في فلسطين.
2- يدعو الوكالة اليهودية لفلسطين والهيئة العربية العليا إلى وضع ممثلين عنهما تحت تصرف مجلس الأمن من أجل ترتيب هدنة بين الطائفتين العربية واليهودية في فلسطين ويؤكد ثقل المسؤولية التي ستقع على عاتق أي طرف ولا يراعي هذه الهدنة.
3- يدعو المجموعات المسلحة العربية واليهودية في فلسطين إلى إيقاف أعمال العنف فوراً.
تبنى المجلس هذا القرار في جلسته 277 بإجماع الأصوات».
هذا القرار، وإن كان ما زال يتحدث عن فلسطين، والاضطراب والعنف في فلسطين، فهو يطالب بالهدنة الفورية في فلسطين، لكن النقلة المثيرة فهي وضع الوكالة اليهودية صاحبة المشروع الاستيطاني والهيئة العربية العليا صاحبة الأرض على قدم المساواة، مع أفضلية للوكالة اليهودية، فالوكالة اليهودية لفلسطين، بينما الهيئة العربية العليا لا يربطها في فلسطين، حين يقول: «يدعو الوكالة اليهودية لفلسطين والهيئة العربية العليا إلى وضع ممثلين عنهما تحت تصرف مجلس الأمن من أجل ترتيب هدنة..».
والخطورة في هذا القرار هو اعتبار الهدنة «بين الطائفتين العربية واليهودية في فلسطين»، فإذا كانت اليهودية عقيدة دينية - بغض النظر عن الموقف من هذه العقيدة- فهل العربية هي عقيدة دينية؟! وبذلك يقول عنها القرار إنها طائفة وتوضع مقابل «الطائفة اليهودية»!؟ علماً أن الواقع - عند صدور هذا القرار- يقول إن نسبة كبيرة من اليهود في فلسطين - آنذاك- هم من العرب الذين يعتنقون اليهودية، فهذا النص يُخرج اليهود، سواء الذين كانوا في فلسطين قبل بدء موجات الاستيطان، وكذلك اليهود الذين قدموا إلى فلسطين من بعض الدول العربية كالعراق واليمن والمغرب، من تعداد العرب، ويحولهم إلى طائفة غير عربية، في مواجهة طائفة أخرى هي العربية، وهذا تأسيس لجعل اليهودية أمة في مواجهة الأمة العربية.
كما أن الملاحظ في هذا القرار هو اعتبار المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني «أعمال عنف»، ويدعو «المجموعات المسلحة العربية واليهودية في فلسطين إلى إيقاف أعمال العنف فوراً».
في هذه الجلسة أصدر مجلس الأمن القرار44 أيضاً.
«قرار رقم 44 (1948) بتاريخ 1 نيسان (إبريل) 1948: الطلب إلى الأمين العام دعوة دورة استثنائية للجمعية العامة للنظر في حكومة فلسطين المستقبلة.
إن مجلس الأمن وقد تلقى في 9 كانون أول (ديسمبر) 1947، قرار الجمعية العامة 181 (الدورة) بشأن فلسطين المؤرخ 29 تشرين الثاني 1947، وقد أخذ علماً بتقريري لجنة فلسطين التابعة للأمم المتحدة، الأول والثاني الشهريين عن تقدم أعمالها وبالتقرير الأول الخاص عن مشكلة الأمن، وقد أخذ علماً بالتقارير التي وضعت بشأن تلك المشاورات، يطلب من الأمين العام، وفق المادة (20) من ميثاق الأمم المتحدة، أن يدعو إلى عقد دورة استثنائية للجمعية العامة للبحث مجدداً في مسألة حكومة فلسطين المستقبلة.
تبنى المجلس هذا القرار في جلسته رقم 277 بـ 9 أصوات مقابل لا شيء ضده وامتناع 2 كالأتي:
مع القرار: الأرجنتين - بلجيكا - كندا - الصين - كولومبيا - فرنسا - سورية - المملكة المتحدة - الولايات المتحدة الأمريكية.
ضد القرار: ـ
امتناع: أوكرانيا، الاتحاد السوفييتي.
هذا القرار، والذي يشبه من حيث النص والديباجة القرار 42، لكنه يصل إلى الطلب من الأمين العام للأمم المتحدة، دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة للبحث «مجدداً في مسألة حكومة فلسطين المستقبلة».
إذاً ما زال مجلس الأمن يقدم المسكنات ويقوم بالحركات التي لا جدوى لها، سوى إضاعة الوقت بانتظار تطورات جديدة وقرارات جديدة.
«قرار رقم 46 (1948) بتاريخ 17 نيسان 1948: الدعوة إلى وقف العمليات العسكرية في فلسطين.
إن مجلس الأمن وبعد أن نظر في قراره (43) في 1 نيسان 1948، والأحاديث التي أجراها رئيسه مع ممثلي الوكالة اليهودية لفلسطين والهيئة العربية العليا لفرض ترتيب هدنة بين العرب واليهود في فلسطين، ونظراً إلى أنه كما ورد في ذلك القرار من الضرورة الملحة بمكان وضع حد فوراً لأعمال العنف في فلسطين، وإقامة الظروف الملائمة للسلام والنظام في ذلك البلد، ونظراً إلى أن حكومة المملكة المتحدة، ما دامت هذه الدولة المنتدبة، مسؤولة عن صيانة السلام والنظام في فلسطين وعليها أن تستمر في اتخاذ جميع الخطوات الضرورية من أجل هذه الغاية وأنها في عملها هذا يجب أن تحظى بتعاون وتأييد مجلس الأمن بصفة خاصة، وكذلك أعضاء الأمم المتحدة:
1) يدعو جميع الأشخاص والمنظمات في فلسطين وخصوصاً الهيئة العربية العليا والوكالة اليهودية، إلى أن تتخذ حالاً دون إجحاف بحقوقها ومطالبها ومواقفها، وكمساهمة منها في المنفعة العامة والمصالح الدائمة لفلسطين، الإجراءات التالية:
أ) إيقاف جميع الأعمال ذات الصبغة العسكرية أو شبه العسكرية، وكذلك أعمال العنف والإرهاب والتخريب.
ب) الامتناع من إحضار ومساعدة وتشجيع العصابات المسلحة والرجال المحاربين إلى فلسطين، جماعات كانوا أم أفراداً مهما كان أصلهم
ت) الامتناع عن استيراد أو حيازة الأسلحة والمواد الحربية ومن المساعدة أو تشجيع على استيرادها أو حيازتها.
ث) الامتناع لحين مواصلة النظر في حكومة فلسطين المستقبلة من قبل الجمعية العامة، من أي نشاط سياسي قد يجحف بحقوق أو مطاليب أو موقف إحدى الطائفتين».
إن هذا القرار لا يبتعد كثيراً عن القرار (43)، في الشكل والمضمون، وإن كان في المحصلة النهائية يعبر عن محاولة مجلس الأمن تبرئة ذمته مما يجري في فلسطين، لكنه أيضاً يؤسس لمنطق المساواة بين الضحية والجلاد كمقدمة لمنح المعتدي نصيباً من حقوق المعتدى عليه، مستخدماً في ذلك سلطة التكرار الإعلامي والخطابي لخلق ثقافات جديدة، تؤسس للهدف المنشود، فنرى التركيز على استخدام مصطلح الوكالة اليهودية لفلسطين، لخلق رأي عام أن هذه الهيكلية - الوكالة اليهودية- لها علاقة بفلسطين علماً أنها منتج الثقافة الغربية، وتشكلت هناك، في المقابل خلق وترسيخ الانطباع أن الهيئة العربية العليا إطار عربي وليس فلسطينياً، خاصة عندما يرد بالنص: «.. لترتيب هدنة بين العرب واليهود في فلسطين»، إن هذه الصياغة الماكرة تشي بأن الهدنة المطلوبة هي بين عموم العرب واليهود في فلسطين، والسؤال هنا لماذا لم يقل القرار: العرب في فلسطين بينما يخصص اليهود في فلسطين، هذا في الديباجة - المقدمة- أما في الفقرة الأولى من القرار فيبدأ النص بمنح المستوطنين حقوقاً على أرض فلسطين حين يدعو الجميع «وخصوصاً الهيئة العربية العليا والوكالة اليهودية إلى أن تتخذ حالاً دون إجحاف بحقوقها ومطالبها ومواقفها...»!
إذاً بدأنا نسمع عن حقوق للوكالة اليهودية عبر قرارات مجلس الأمن - هذه من بركات الشرعية الدولية- أما عندما يتحدث القرار عن الإجراءات، فيستخدم صياغة يمكن للمستوطنين أن يخرجوا أنفسهم من المسؤولية على اعتبار أن النصوص لا تخصهم فنقرأ: «إيقاف جميع الأعمال ذات الصبغة العسكرية... وكذلك أعمال العنف والإرهاب والتخريب» دون تحديد من يقوم بهذه الأعمال، مما يفسح المجال للصهاينة ومن يدعمهم وبما يملكون من ماكينة إعلامية، ليس فقط الهروب من المسؤولية بل وإلصاق كل هذه الأعمال بالطرف «العربي»، وثالثة الأثافي هي في الفقرة الأخيرة، عندما يظهر المجلس حرصه على عدم الإجحاف «.. بحقوق أو مطاليب أو مواقف إحدى الطائفتين.
نسير خطوة أخرى لنصل إلى القرار الرقم 48.
«قرار رقم 48 (1948) بتاريخ 23 نيسان (إبريل) 1948: إقامة لجنة الهدنة لفلسطين.
إن مجلس الأمن إذ يشير إلى قراره رقم (46) في 17 نيسان (إبريل) 1948 الذي يدعو جميع الأطراف المعنية إلى الإذعان لشروط معينة من أجل إقامة هدنة في فلسطين، يقيم لجنة هدنة لفلسطين مؤلفة من ممثلين عن أعضاء مجلس الأمن الذين لهم قناصل متفرغون في القدس، ويلاحظ مع ذلك أن ممثل سورية أشار أن حكومته ليست مستعدة للمساهمة في اللجنة، إن مهمة اللجنة ستكون مساعدة مجلس الأمن في الإشراف على تنفيذ القرار 46 (1948) من قبل الأطراف.
يطلب من اللجنة أن تقدم تقريراً إلى رئيس مجلس الأمن خلال أربعة أيام بخصوص نشاطها وتطور الوضع، وبعد ذلك أن تبقي مجلس الأمن على علم دائم بمجريات هذين الأمرين.
يحق للجنة وأعضائها ومساعديهم ولموظفيها السفر مجتمعين أو منفردين حيثما ترى اللجنة في ذلك ضرورة للقيام بمهماتها.
سيزود الأمين العام اللجنة بحاجتها من الموظفين والمساعدة كما تراه ضرورياً، آخذاً بعين الاعتبار الحالة الملحة الخاصة بالنسبة إلى فلسطين.
يعتبر القرار48 الخامس والأخير الذي صدر عن مجلس الأمن قبل حصول النكبة وتحديداً في الشهرين آذار ونيسان، ويهدف القرار إلى تشكيل لجنة هدنة، وتعمل هذه اللجنة على مساعدة مجلس الأمن في الإشراف على تنفيذ القرار رقم 46، فهو قرار إجرائي إداري.
حصلت النكبة عام 1948 وطرد الصهاينة الفلسطينيين من وطنهم، وأعملوا فيهم القتل وبممتلكاتهم التدمير، فماذا كان موقف مجلس الأمن؟
لقد قام مجلس الأمن وبعد مرور أسبوع واحد فقط على احتلال فلسطين وإعلان قيام الكيان بإصدار القرار رقم 49.
نص القرار الرقم 49: (طلب وقف إطلاق النار في فلسطين وهدنة القدس.
إن مجلس الأمن آخذاً بعين الاعتبار أنه لم يُذعن لقرارات مجلس الأمن السابقة الخاصة بفلسطين، وأن العمليات العسكرية ما زالت جارية في فلسطين:
1- يدعو جميع الحكومات والسلطات، دون إجحاف بحقوق ومطاليب ومواقف الأطراف المعنية، إلى أن تمتنع من أي عمل عسكري عدائي في فلسطين، ومن أجل هذا الهدف أن تصدر أمراً بوقف إطلاق النار إلى قواتها العسكرية وشبه العسكرية يصبح نافذاً المفعول في مدى ست وثلاثين ساعة بعد منتصف ليل 22 أيار (مايو) 1948 بتوقيت نيويورك العادي.
2- يدعو لجنة الهدنة وجميع الأطراف المعنية التفاوض من أجل هدنة والمحافظة عليها، في مدينة القدس، الأولوية المطلقة.
3- يعطي توجيهاته إلى اللجنة من قبل مجلس الأمن بموجب قراره رقم 48 (1948) الصادر في 23 نيسان (إبريل) 1948 لترفع تقريراً إلى المجلس عن مدى الامتثال إلى الفقرتين السابقتين من القرار الحالي.
4- يدعو جميع الأطراف المعنية إلى أن تسهل، بكل ما لديها من وسائل، مهمة وسيط الأمم المتحدة المعين تنفيذاً لقرار الجمعية رقم 186 ( الدورة الاستثنائية - 2) الصادر في 14 أيار (مايو) 1948).
يسلك هذا القرار مسلك سابقه في وضع المعتدي والمعتدى عليه على قدم المساواة فيقول: «لم يُذعن لقرارات مجلس الأمن السابقة» ولم يحدد الطرف المعتدي والذي لم يُذعن لأنه لو حدد ربما اُستعمل حق الفيتو، كما يدعو جميع الأطراف - لاحظ جميع الأطراف- دون إجحاف بالحقوق، إنه يعطي المحتل حقوقاً تساوي حقوق صاحب الأرض المعتدى عليه ويطالب بوقف إطلاق النار، ويدفع للتفاوض من أجل الهدنة والمحافظة عليها دون التطرق للاحتلال الواقع على الأرض والوطن، هذه هي الشرعية الدولية، إنها تقونن وجود الغاصب، وتمنحه حقاً لا يستحقه، غير آبهة بمصير أصحاب الأرض الذين وقع عليهم الاعتداء.
(قرار رقم 50 (1948) بتاريخ 29 أيار (مايو) 1948: الدعوة إلى وقف العمليات العسكرية لأربعة أسابيع وحماية الأماكن المقدسة.
إن مجلس الأمن، رغبة منه في التوصل إلى إيقاف الأعمال العدائية في فلسطين، دون إجحاف بحقوق ومطاليب وموقف العرب أو اليهود:
1- يدعو جميع الحكومات والسلطات المعنية إلى أن تأمر بإيقاف جميع أعمال العنف المسلح لمدة أربعة أسابيع.
2- يدعو جميع الحكومات والسلطات المعنية إلى أن تتعهد بألا تدخل رجالاً محاربين إلى فلسطين، مصر، العراق، لبنان، العربية السعودية، سورية، شرق الأردن، واليمن في أثناء فترة وقف إطلاق النار.
3- ويدعو جميع الحكومات والسلطات المعنية، في حال إدخال رجال في سن العسكرية إلى البلاد أو الأراضي التي تقع تحت سيطرتها، إلى أن تتعهد بألا تستنفرهم أو تخضعهم للتدريب العسكري في أثناء فترة وقف إطلاق النار.
4- يدعو جميع الحكومات والسلطات المعنية إلى أن تمتنع من استيراد أو تصدير مواد حربية من أو إلى فلسطين، مصر، العراق، لبنان، المملكة العربية السعودية، سورية، شرق الأردن، واليمن في أثناء فترة وقف إطلاق النار.
5- يحث جميع الحكومات والسلطات المعنية على أن تتخذ كل الاحتياطات الممكنة لحرية الأماكن المقدسة ومدينة القدس، بما في ذلك حماية حرية الوصول إلى جميع المزارات والمعابد بغرض العبادة من قبل من لهم حق مثبت في زيارتها والعبادة فيها.
6- يعطي تعليماته إلى وسيط الأمم المتحدة في فلسطين، للإشراف على تنفيذ النصوص المذكورة أعلاه بالاشتراك مع لجنة الهدنة، ويقرر تزويدهم بعدد كاف من المراقبين العسكريين).
إذاً بعد مرور أسبوع على احتلال فلسطين وإعلان قيام الكيان، قام مجلس الأمن بإصدار القرار رقم 49 الذي يدعو «جميع الحكومات والسلطات...» إلى وقف إطلاق النار وإعلان هدنة في مدينة القدس وتسهيل مهمة وسيط الأمم المتحدة، ولأنه «لم يُذعن» لما جاء في القرار 48 - علماً أن القرار يستخدم الفعل المبني للمجهول، لتجهيل من لم يُذعن- جاء القرار49 ولأنه أيضاً لم يؤد المطلوب بوقف إطلاق النار فكان بعد أسبوع القرار 50، وبقراءة نص هذا القرار نجد أن مجلس الأمن - الذي برهنت الأحداث من الأيام الأولى أنه لا حول له ولا قوة إلا في خدمة القوى الاستعمارية- «يعبر عن رغبته» في التوصل إلى «إيقاف الأعمال العدائية في فلسطين».
إذاً في غضون شهر صدر عن مجلس الأمن ثلاثة قرارات يطالب فيها وقف ما أسماه الأعمال العدائية، واللافت استمرار مجلس الأمن من جهة باستخدام لغة تخلط بين الحابل بالنابل، فهو - أي القرار- يطالب بإيقاف الأعمال العدائية في فلسطين دون تحديد من الذي يقوم بهذه الأعمال العدائية، ومن جهة فهو يعود للتأكيد مرة أخرى على منح الصهاينة حقوقاً في فلسطين فنقرأ في القرار عبارة وردت في قرارات سابقة «دون إجحاف بحقوق ومطاليب العرب واليهود» إن هكذا نص يضع المحتل الصهيوني على قدم المساواة مع صاحب الأرض من حيث الحقوق والمطاليب، والمثير للاستهجان، والعجب، أن مجلس الأمن الذي فشل في وقف «الأعمال العدائية» لمدة ست وثلاثين ساعة عبر القرار 49 ، بدلاً من أن يكون جاداً في البحث بجدوى قراراته ودوره، أصدر قراراً جديداً يطلب فيه وقف «الأعمال العدائية» لمدة أربعة أسابيع، في المقابل فإن المجلس يتوجه إلى الدول العربية (مصر، العراق، لبنان، العربية السعودية، سورية، شرق الأردن، اليمن) بمجموعة مطالب تصل حد أن تنفذ هذه الدول على نفسها سياسة الحصار الذاتي، فبعد أن يدعو تلك الدول إلى عدم إدخال رجال محاربين ليس فقط إلى فلسطين بل وإلى تلك الدول، وعدم تدريب رجال في سن العسكرية وعدم استنفارهم في الأراضي التي تسيطر عليها هذه الدول، يطالبها بعدم «استيراد وتصدير مواد حربية»، وهنا نسأل هل الخبز والدواء مواد حربية؟! ربما يكون الأمر كذلك - لذلك يمنع الخبز والدواء عن قطاع غزة، ما أشبه اليوم بالبارحة- لأن عبارة مواد حربية فضفاضة وتحتمل الكثير من التأويل.
النقطة الأخرى التي يتناولها هذا القرار، هي مدينة القدس وأماكن العبادة، هنا أيضاً نجد القرار في المجال لإدخال المحتل في المسألة فيقول: «حرية الوصول إلى جميع المزارات والمعابد من قبل من لهم حق مثبت في زيارتها والعبادة فيها»، إن عبارة «جميع المزارات والمعابد» تسمح بإدخال الأضاليل الصهيونية حول وجود أماكن عبادة لليهود في القدس – علماً أن ستين عاماً من الحفريات والتنقيب الدؤوب لم يعط إثباتاً واحداً على وجود هيكلهم المزعوم- والنقطة الأخطر في النص السابق هي عبارة «حق مثبت» لأن الخطورة تكمن في آليات إثبات الحق من جهة وفيمن يقر الحق من جهة ثانية، وهنا مفيد أن نذكر كيف أن الصهاينة يمنعون المصلين من الصلاة في المسجد الأقصى، إن كثيراً من المخاطر التي انطوت عليها القرارات الدولية، نجدها اليوم قد تحولت إلى أمر واقع، هل لنا أن نقول إن ما ورد في القرار 50 لعام 1948 حول «حرية الوصول إلى جميع المزارات والمعابد من قبل من لهم حق مثبت في زيارتها والعبادة فيها»، يجعل العالم يقف متفرجاً على مشهد منع المسلمين من الوصول والصلاة في المسجد الأقصى من جهة وعلى ما يتعرض له هذا المسجد من إهانة ومحاولات هدم وتدمير من جهة أخرى، وما يحصل في باب المغاربة خير شاهد، ويفوت مجلس الأمن أن يذكر بدور وسيط الأمم المتحدة، تمر الأسابيع وينعقد مجلس الأمن ويصدر القرار رقم 53 تاريخ 7 تموز 1948 يطالب فيه «الأطراف المعنية لتقبل... تمديد الهدنة إلى الأجل الذي يُتفق بشأنه..».
(قرار رقم 53 (1948) بتاريخ 7 تموز (يوليو) 1948: توجيه نداء لتمديد الهدنة.
إن مجلس الأمن، آخذاً بعين الاعتبار البرقية الواردة من وسيط الأمم المتحدة المؤرخة 5 تموز (يوليو) 1948، يوجه نداء عاجلاً إلى الأطراف المعنية لتقبل، من حيث المبدأ، تمديد الهدنة إلى الأجل الذي يتفق بشأنه بالتشاور مع الوسيط.
تبنى المجلس هذا القرار، في جلسته رقم 331، بـ 8 أصوات مقابل لا شيء وامتناع 3 كالآتي:
مـع القرار: الأرجنتين، بلجيكا، كندا، الصين، كولومبيا، فرنسا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية.
ضد القرار: -
امتنــاع: سورية، أوكرانيا، الاتحاد السوفييتي).
إن القرار رقم 50 الصادر بعد أسبوعين من إعلان قيام الكيان بتارخ 29 أيار 1948 والقرار 53 الصادر بتاريخ 7 تموز 1948 أسسا لمرحلة جديدة في تاريخ الكيان الصهيوني وتاريخ القضية الفلسطينية وفتحا صفحة لها ما بعدها.
(قرار رقم 54 (1948) بتاريخ 15 تموز (يوليو) 1948: أمر الأطراف بالامتناع من القيام بأعمال عسكرية أخرى، والإيعاز إلى الوسيط بمواصلة جهوده من أجل نزع السلاح عن القدس.
إن مجلس الأمن، آخذاً بعين الاعتبار أن حكومة إسرائيل المؤقتة قد أشارت إلى قبولها، من حيث المبدأ، تمديد الهدنة في فلسطين، وأن الدول الأعضاء في الجامعة العربية رفضت النداءات المتوالية لوسيط الأمم المتحدة، ونداء مجلس الأمن في قراره رقم 53 تاريخ 7 تموز (يوليو) 1948 لتمديد الهدنة في فلسطين، وأنه نتيجة ذلك تجددت الأعمال العدائية في فلسطين:
1- يعتبر أن الوضع في فلسطين يشكل تهديداً للسلام ضمن معنى المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة.
2- يأمر الحكومات والسلطات المعنية، عملاً بالمادة 40 من الميثاق، بالكف عن المزيد من العمل العسكري، بإصدار أوامرها إلى قواتها العسكرية وشبه العسكرية بوقف إطلاق النار تحقيقاً لهذه الغاية، بحيث يصبح نافذ المفعول في وقت يقرره الوسيط، على ألا يتأخر، بحال من الأحوال، عن مدة ثلاثة أيام من تاريخ اتخاذ هذا القرار.
3- يعلن أن عدم إذعان أي من الحكومات أو السلطات للفقرة السابقة من هذا القرار، سيبرهن عن وجود خرق للسلام ضمن معنى المادة 39 من الميثاق، مما يستوجب النظر فيه فوراً من قبل مجلس الأمن بقصد اتخاذ إجراء جديد قد يقرره المجلس بموجب الفصل السابع من الميثاق.
4- يدعو جميع الحكومات والسلطات المعنية إلى مواصلة التعاون مع الوسيط بقصد المحافظة على السلام في فلسطين وفق القرار رقم 50 المتخذ من قبل مجلس الأمن في 29 أيار (مايو) 1948.
5- يأمر، كقضية ذات ضرورة ملحة وخاصة، بوقف إطلاق النار فوراً ودون أي شروط في مدينة القدس، بحيث يصبح نافذ المفعول بعد أربع وعشرين ساعة من وقت اتخاذ هذا القرار، ويعطي لجنة الهدنة تعليماته لتتخذ أية خطوات ضرورية لتنفيذ وقف إطلاق النار هذا.
6- يعطي تعليماته إلى الوسيط ليواصل جهوده من أجل نزع السلاح عن مدينة القدس، دون إجحاف بمستقبل وضع القدس السياسي، وليؤمن حماية الأماكن المقدسة والأبنية والمواقع الدينية في فلسطين وحماية الوصول إليها.
7- يعطي تعليماته إلى الوسيط ليشرف على الإذعان إلى الهدنة، وليضع أنظمة للنظر في ادعاءات خرق الهدنة منذ 11 حزيران (يونيو) 1948، ويخوله النظر في حوادث الخرق التي تقع ضمن حدود سلطته، وذلك باتخاذ عمل محلي ملائم، ويطلب منه أن يبقى مجلس الأمن على علم دائم بشأن سير عملية الهدنة، وأن يقوم بالعمل الملائم إذا اقتضت الضرورة ذلك.
8- يقرر إبقاء الهدنة نافذة المفعول وخاضعة لقرار لاحق من قبل مجلس الأمن أو الجمعية العامة وفقاً للقرار الحالي والقرار رقم 50 (1948) لـ 22 أيار (مايو) 1948، إلى أن يتم التوصل إلى تعديل سلمي لمستقبل وضع فلسطين.
9- يكرر نداءه إلى الفرقاء، الذي تضمنته الفقرة الأخيرة من قراره رقم 49 (1948) الصادر في 22 أيار (مايو) 1948، ويحثهم على الاستمرار في محادثاتهم مع الوسيط بروح التوفيق والتنازل المتبادل لتسوية جميع النقاط المختلف بشأنها سلمياً.
10- يطلب من الأمين العام أن يزود الوسيط بالجهاز الضروري من الموظفين وبالتسهيلات اللازمة لمساعدته على القيام بالمهمات المنوطة به بموجب قرار الجمعية العامة رقم 186 (الدورة الاستثنائية - 2) لـ 14 أيار (مايو) 1948 وبموجب هذا القرار).
إنه القرار التاسع، الذي يصدر عن مجلس الأمن، بخصوص القضية الفلسطينية في غضون خمسة أشهر، وقد مر شهران على احتلال 78 % من فلسطين التاريخية، ليطالعنا الأمن الدولي بقرار جديد يحمل الرقم 54 تاريخ 15 تموز 1948، ويمتاز هذا القرار بالاستناد إلى الفصل السابع، واللافت في هذا القرار استخدام عبارة «حكومة إسرائيل المؤقتة» وهي المرة الأولى التي يرد فيها اعتراف مجلس الأمن بـ «حكومة إسرائيل» بعد إعلان قيام الكيان «إسرائيل» على أرض فلسطين المحتلة، بعد أن كانت القرارات السابقة تضع المعتدي والمعتدى عليه على قدم المساواة، ويعتبر القرار أن «حكومة إسرائيل المؤقتة» موافقة على تمديد الهدنة، في حين رفضت دول الجامعة العربية، ذلك التمديد الوارد في قرار المجلس رقم 53 الصادر قبل أسبوع بتاريخ 7 تموز، ويعتبر القرار أن تجدد الأعمال «العدائية» بسبب عدم إذعان دول الجامعة العربية وليس بسبب احتلال فلسطين وإعلان قيام ما يسميه «حكومة إسرائيل المؤقتة»، فالمجلس لا يعتبر تهديد السلام والأمن الدوليين بسبب احتلال فلسطين بل بسبب عدم الإذعان لتمديد الهدنة لينطلق إلى تقرير وجوب القبول بالوضع الجديد، والتوقف عن العمل العسكري وإلا فإن المجلس سيتخذ إجراءات جديدة تستند إلى الفصل السابع من الميثاق، إذاً القرار 56 الصادر عن مجلس الأمن يهدف إلى دفع الدول العربية والفلسطينيين إلى القبول بالأمر الواقع، أي تحول فلسطين إلى «إسرائيل»، وإن المطلوب من تلك الدول إصدار أوامرها إلى قواتها العسكرية وشبه العسكرية بوقف إطلاق النار، بعد أن كان المجلس في قرارات سابقة طلب من الحكومات والسلطات المعنية، وقف أعمال العنف وعدم إدخال رجال محاربين إلى فلسطين ومصر والعراق ولبنان والعربية السعودية وسورية وشرق الأردن واليمن - لأحظ عدم ذكر موجات المهاجرين من المستوطنين وعصابات الهاغانا وشتيرن وغيرها التي استقدمت إلى فلسطين عبر الوكالة اليهودية- وعدم الاستنفار والتدريب، وقد أفرد القرار أهمية خاصة لوقف إطلاق النار في مدينة القدس ودون شروط، وأوصى الوسيط الدولي لنزع السلاح عن مدينة القدس، واتخاذ «أية خطوات ضرورية» لذلك.
ويوسع هذا القرار الدور والنطاق لتحرك الوسيط الدولي بما يوصله إلى حد يصبح معه الحاكم الفعلي لهذه البقعة الجغرافية (فلسطين)، بعد قيام «إسرائيل»، فيوصيه بأن يشرف على نزع السلاح في مدينة القدس، وتثبيت وقف إطلاق النار، ويشرف على الإذعان للهدنة، ووضع نظام رقابة لتحديد خرق الهدنة، واتخاذ «عمل محلي» عند الضرورة، بعد أن لوح بالفصل السابع في مندرجات هذا القرار. وبالعودة إلى اللحظة الزمنية التي صدر فيها هذا القرار نكتشف أنه جاء لمنح المحتل الوقت الكافي لإيصال السلاح الكافي للمستوطنين ليتمكنوا من تثبيت وجودهم والقضاء على جيوب المقاومة، لذلك هو القرار الوحيد الذي استند إلى الفصل السابع منذ بداية مسلسل القرارات الدولية التي تخص القضية الفلسطينية، لكن الخطورة في هذا القرار ما ورد في البند الثامن، حيث يجعل قرار الهدنة نافذ المفعول «إلى أن يتم التوصل إلى تعديل سلمي لمستقبل وضع فلسطين»، وهذا النص يشي بالاتجاه إلى قوننة الواقع، وجعل الاحتلال لفلسطين أمراً طبيعياً، لأن هذا«التعديل السلمي» يستوجب من «الفرقاء» العمل «بروح التوفيق والتنازل المتبادل»، مرة أخرى يضع مجلس الأمن المعتدي والمعتدى على درجة واحدة ليصبحوا «فرقاء» ويطلب منهم «بروح التوفيق والتنازل المتبادل»، والسؤال هنا من المقصود بالتنازل، إنه صاحب الحق، صاحب الأرض، لأن المعتدي ليس لديه ما يتنازل عنه، إلا إذا كان المقصود أن يتنازل الصهاينة ويقبلوا بما احتلوه عام 1948 فقط، حتى هذا القرار الذي جاء في مصلحة المحتلين لم يلق لديهم من قبول فما إن توفر لهم السلاح، وحازوا على إمكانية ضرب المقاومة آنذاك رموا هذا القرار، وعندما حانت الساعة لديهم أكملوا احتلال كل الأرض الفلسطينية لا بل وبعض الأراضي العربية عام 1967.
(قرار رقم 59 (1948) بتاريخ 19 تشرين الأول (أكتوبر) 1948:
الملاحظة بقلق عدم تقديم إسرائيل تقريراً عن اغتيال الكونت برنادوت وإقرار واجب الحكومات في التعاون مع موظفي هيئة الرقابة.
إن مجلس الأمن، إذ يضع نصب عينيه تقرير الوسيط بالوكالة بشأن اغتيال وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت، ومراقب الأمم المتحدة الكولونيل أندريه سيو في 17 أيلول (سبتمبر) 1948، وتقرير الوسيط بالوكالة بشأن الصعاب التي صادفته في الإشراف على الهدنة، وتقرير لجنة الهدنة لفلسطين بشأن الوضع في القدس،
1- يلاحظ بقلق أن حكومة إسرائيل المؤقتة لم تقدم، حتى الآن تقريراً إلى مجلس الأمن، أو إلى الوسيط بالوكالة بشأن تقدم التحقيق عن الاغتيالين.
2- يطلب من تلك الحكومة أن تقدم في وقت قريب إلى مجلس الأمن، تقريراً عما أحرزه التحقيق من تقدم، وأن تشير فيه إلى الإجراءات التي اتخذت بشأن إهمال الموظفين أو عن العناصر الأخرى المؤثرة في الجريمة.
3- يذكر الحكومات والسلطات المعنية بأن جميع التزامات ومسؤوليات الأطراف المنصوص عليها في قراريه رقم 54 (1948) الصادر في 15 تموز (يوليو) ورقم 56 (1948) الصادر في 19 آب (أغسطس) 1948 (S /983)، يجب أن تنفذ كاملة وبنية حسنة.
4- يذكر الوسيط بالوكالة بأنه من المرغوب فيه توزيع مراقبي الأمم المتحدة بشكل منصف لغرض مراقبة الهدنة في أراضي كل من الطرفين.
5- يقرر، إتباعاً لقراريه رقم 54 (1948) و 56 (1948)، أن على الحكومات والسلطات واجب:
أ- السماح لمراقبي الأمم المتحدة المعتمدين بحسب الأصول، ولموظفي الإشراف على الهدنة الآخرين الذين يحملون أوراق اعتماد صالحة، بحرية الوصول، بعد التبليغ الرسمي، إلى جميع الأماكن التي تتطلب واجباتهم الوصول إليها، بما في ذلك المطارات والموانئ وخطوط الهدنة والنقاط والمناطق الإستراتيجية.
ب- تسهيل حرية الحركة لموظفي الإشراف على الهدنة، وحرية انتقالهم بتبسيط الإجراءات المعمول بها حالياً بالنسبة إلى طائرات الأمم المتحدة، وبضمان حرية المرور لجميع طائرات الأمم المتحدة ووسائل النقل الأخرى.
ج- بأن تتعاون تعاوناً تاماً مع موظفي الإشراف على الهدنة في أثناء قيامهم بالتحقيق في الحوادث المتعلقة بادعاءات خرق الهدنة، بما في ذلك جعل الشهود والإفادات والأدلة الأخرى متوفرة لدى الطلب.
د- التنفيذ تنفيذاً كاملاً بواسطة تعليمات ملائمة وسريعة إلى القادة في الميدان، جميع الاتفاقيات التي تم الوصول إليها عن طريق المساعي الحميدة للوسيط أو ممثليه.
هـ - اتخاذ جميع الإجراءات المعقولة لتأمين سلامة وحرية مرور موظفي الإشراف على الهدنة وممثلي الوسيط وطائراتهم وسياراتهم في أثناء وجودهم في أراض تحت سيطرتها.
و- بذل كل جهد للقيام فوراً بالقبض ومعاقبة أي شخص وجميع الأشخاص الخاضعين لسلطانها والمدانين بالهجوم على موظفي الإشراف على الهدنة أو على مندوبي الوسيط أو بالقيام بأي عمل عدواني آخر ضدهم)..
اغتيل الكونت برنادوت، فأسف مجلس الأمن وعبر عن صدمته «لموت» الوسيط الدولي في القرار رقم 57، وبعد شهر من الاغتيال أصدر قراره رقم 59، وبقراءة القرار نجد أنه ينص في معظم بنوده على أمور إجرائية للتعاون مع مراقبي الهدنة، وما نود الوقوف عنده البندين الأول والثاني، حيث أحال المجلس أمر التحقيق في الاغتيالين، إلى الطرف المعتدي، فإنه «يلاحظ بقلق أن حكومة إسرائيل المؤقتة لم تقدم حتى الآن تقريراً إلى مجلس الأمن أو الوسيط بالوكالة بشأن تقدم التحقيق عن الاغتيالين» ويطلب «من تلك الحكومة أن تقدم في وقت قريب إلى مجلس الأمن تقريراً عما أحرزه التحقيق من تقدم وأن تشير فيه إلى الإجراءات التي اتخذت بشأن إهمال الموظفين أو العناصر الأخرى المؤثرة في الجريمة»، أربعون عاماً مرت ولم يحن «الوقت القريب» ورغم اعتراف الفاعلين بجريمتهم بمناسبة الذكرى الأربعين للاغتيال، فلم تتخذ بحقهم أية إجراءات، لكن لماذا اغتيل الكونت برنادوت؟
لقد أدرك الصهاينة منذ البداية استحالة تحقيق هدفهم دون الاعتماد على السلاح، بدءاً بكتاب ثيودور هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية والذي دعا إلى حمل السلاح، ومن بعده نادى فلاديمير جابوتنسكي أستاذ الإرهاب الإسرائيلي، الذي تتلمذ على يديه كبار الإرهابيين من أمثال مناحيم بيغن وإسحاق شامير باعتناق العنف المطلق، ولم يكن حاييم وايزمان وديفيد بن غوريون أقل شأناً في ذلك، لذلك تكونت العصابات الصهيونية الإرهابية في الأربعينيات، وكان من أبرزها منظمة «الأرغون» التي تولى زعامتها مناحيم بيغن، ومنظمة «شتيرن» التي تولى زعامتها إسحاق شامير، وقد تم توحيد هذه العصابات تحت قيادة جيش موحد في تنفيذ العمليات الإرهابية ضد العرب والحامية البريطانية قبل مغادرتها الأراضي الفلسطينية.
وكان اغتيال الكونت السويدي فولك برنادوت الوسيط الدولي حلقة طبيعية في سلسلة الإرهاب الصهيوني، لقد أصبح الكونت برنادوت، وهو أحد أفراد العائلة المالكة السويدية ورئيس الصليب الأحمر السويدي في ذلك الوقت، هدفاً للتصفية بعد أن تقدم برنادوت إلى طرفي النزاع بمقترحاته حول التسوية السلمية، وتناول مسألة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقال إن فتح باب الهجرة اليهودية يبرر مخاوف العرب في فلسطين والدول المجاورة، من مخاطر التوسع الصهيوني، ولذلك اقترح قبول نوع من التنظيم الدولي للهجرة، في سبيل مصلحة السلم مع العرب، وهي كما قال مصلحة حيوية.
ثم اقترح إجراء بعض التعديلات على «الحدود بين الدولتين العربية واليهودية»، كما يرسمها قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة، ومن بين هذه التعديلات ضم منطقة النقب للدولة العربية، وضم منطقة الجليل للدول اليهودية، كما اقترح إدخال القدس بأكملها ضمن الدولة العربية، مع منح الطائفة اليهودية فيها استقلالاً ذاتياً لشؤون البلدية، مؤكداً أن القدس يجب أن تظل تحت السيادة العربية، رغم كل ما منحه للصهاينة، فقد اعتبر الصهاينة الكونت برنادوت عقبة في سبيل تحقيق أهدافهم، خاصة مقترحاته بشأن ضم القدس للدولة العربية، وفرض قيود على الهجرة إلى فلسطين، وكانت معارضة جماعة شتيرن بزعامة شامير هي الأكثر عنفاً، وبدأت الجماعة، التي كانت لها وحدات مستقلة داخل القدس، في تنظيم المظاهرات ضد الوسيط السويدي، ثم قرر زعماء الحركة في القدس وهم: إسرائيل الداد وجوشوا زتلر وماشولام ماكوفر، تقديم مشروع اغتيال وسيط الأمم المتحدة إلى زعماء المنظمة ناثان مور وإسحق شامير بمقرهم في تل أبيب، وقد أكدت رواية الداد، المرشد الروحي للمنظمة، والتي أبلغها إلى شارل أندرلين مؤلف كتاب «حرب أم سلام - أسرار المفاوضات الإسرائيلية- العربية، 1917 - 1997»، أن شامير ناقش تفاصيل تنفيذ عملية الاغتيال بنفسه.
ويوم الجمعة 17 سبتمبر عام 1948، وصل الكونت برنادوت ومساعده الفرنسي الكولونيل بيير أندريه سيرو إلى مدينة القدس، قادمين من سورية، وكانا يجلسان في المقعد الخلفي في سيارتهما، بعد أن انتهيا من بعض الإجراءات المتصلة بمهمتهما في القدس، حين اعترضت طريقهما سيارة جيب مكتظة بعدد من المسلحين، وفتح ثلاثة منهم النار على الكونت ومساعده، وبعد ذلك عاد القتلة إلى سيارتهم. وهكذا في لحظات نفذت عملية الاغتيال، وظلت تفاصيل الحادث غامضة إلى أن قر